للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني في بيان أن المناسبة تفيد ظن العلية أن نسلم أن أفعال الله وأحكامه يمتنع أن تكون معللة بالدواعي والأغراض ومع هذا فندعى الذي أن المناسبة تفيد ظن العلية وبيانه أن مذهب المسلمين أن دوران الأفلاك وطلوع الكواكب وغروبها وبقائها على أشكالها وأنوارها غير واجب ولكن الله تعالى لما أجرى عادته بإبقائها على حالة واحدة لا جرم يحصل ظن أنها تبقى غدا وبعد غد على هذه الصفات وكذلك نزول المطر عند الغيم الرطب وحصول الشبع عقيب الأكل والرى عقيب الشرب والأحتراق لأن عند مماسة النار غير واجب لكن العادة لما اطردت بذلك لا جرم حصل ظن يقارب اليقين بأستمرارها على مناهجها والحاصل أن تكرير الشئ مرارا كثيرة يقتضى ظن أنه متى حصل لا يحصل إلا على ذلك الوجه إذا ثبت هذا فنقول إنا لما تأملنا الشرائع وجدنا الأحكام والمصالح متقارنين لا ينفك أحدهما عن الآخر وذلك معلوم بعد استقرار أوضاع الشرائع

وإذا كان كذلك كان العلم بحصول هذا مقتضيا ظن حصول الآخر وبالعكس من غير أن يكون أحدهما مؤثرا في الآخر وداعيا إليه فثبت أن المناسبة دليل العلية مع القطع بأن أحكام الله تعالى لا تعلل بالأغراض

<<  <  ج: ص:  >  >>