وعن الثاني أن غاية كلامكم حصول الطرد في بعض الصور منفكا عن العلية وهذا لا يقدح في دلالته على العلية ظاهرا كما أن الغيم الرطب دليل المطر ثم عدم نزول المطر في بعض الصور لا يقدح في كونه دليلا وأيضا المناسبة والدوران والتأثير والأيماء قد ينفك كل واحد منها عن العلية ولم
يكن ذلك قدحا في كونها دليلا على العلية ظاهرا فكذا هاهنا وأما التفسير الثاني وهو أضعف التفسيرين فقد احتجوا عليه بأنا إذا علمنا أن الحكم لابد له من علة وعلمنا حصول هذا الوصف وقدرنا خلو ذهننا عن سائر الأوصاف فإن علمنا بأنه لا بد للحكم من علة مع علمنا بوجود هذا الوصف يقتضيان اعتقاد كون هذا الحكم معللا بذلك الوصف اذا لو لم يقتض ذلك لكان ذلك إما لأجل أنه لا يسند ذلك الحكم إلى شئ أو لأجل أنه يسنده إلى شئ أخر والأول محال لأن اعتقاد أنه لابد من علة متناقض لعدم الاسناد والثاني محال لأن اسناد الذهن ذلك الحكم إلى غير ذلك الوصف مشروط