ورابعها أن المجتهد إذا بحث عن علة الحكم لم يجب عليه سبر الأوصاف العدمية فإنها غير متناهية مع أنه يجب عليه سبر كل وصف يمكن كونه علة وذلك يدل على أن الوصف العدمى لا يصلح للعلية وخامسها قوله تعالى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى والعدم نفي محض فلا يكون من سعيه فوجب أن لا يترتب عليه حكم فإن كل حكم يثبت فإنه يحصل للإنسان بسببه إما جلب منفعة أو دفع مضرة فثبت أن الوصف العدمى لا يمكن أن يكون علة
فإن قلت الامتناع عن الفعل عدم مع أنه قد يكون مأمورا به ويكون منشأ للمصالح ودفع المفاسد قلت الامتناع عن الفعل عبارة عن أمر يفعله الإنسان فيترتب عليه عدم ذلك الشئ فثبت أن الامتناع ليس عدما محضا والجواب عن الأول ما ذكرتموه من الدلالة على أن العلية صفة ثبوتية معارض بدليل آخر وهو أنها لو كانت ثبوتية لكانت من عوارض ذات العلة فكانت مفتقرة إلى تلك الذات وكانت ممكنة وكانت مفتقرة إلى العلة فكانت علية العلة