أما إذا لم يعرف قوله في المسألة وعرف قوله في نظيرها فهل يجعل قوله في نظيرها قولا له فيها فنقول إن كان بين المسألتين فرق يجوز أن يذهب إليه ذاهب لم يحكم بأن قوله في المسألة كقوله في نظيرها لجواز أن يكون قد ذهب إلى الفرق وإن لم يكن بينهما فرق ألبتة فالظاهر أن قوله في إحدى المسألتين قول له في الأخرى وأما الأقوال المختلفة عن الشافعي رضي الله عنه فهي على وجوه أحدها أن يكون قد ذكر في كتبه القديمة شيئا وفي كتبه الجديدة شيئا آخر والناس نقلوهما عليه دفعة واحدة وجعلوهما قولين له فالمتأخر كالناسخ
للمتقدم وهذا النوع من التصرف يدل على علو شأنه في العلم والدين أما في العلم فلأنه يعرف به أنه كان طول عمره مشتغلا بالطلب والبحث والتدبر وأما في الدين فلأنه يدل على أنه متى لاح له في الدين شئ أظهره فإنه ما كان يتعصب لنصرة قوله وترويج مذهبه بل كان منتهى مطلبه إرشاد الخلق إلى سبيل الحق