ونوقش أيضاً بأن المقيس عليه مختلفٌ فيه فقد أجاز ابن حزم الشق للمال لأنه لا ضرر على الميت. وقال الحنفية: لا يجوز إذا كان قد ترك مالاً، بل تُدفع قيمة المال من تركته، قال ابن نجيم: لا يشق لأن حرمة الآدمي أعظم من حرمة المال. وأجاز المالكية شق بطن من ابتلع مال غيره قبل وفاته إذا كان له قدر بأن يكون نصاباً (إما نصاب السرقة أو الزكاة قولان) ذكره خليل والخرشي وقيده ابن شبير بأن لا يكون للميت مال، ويؤدي منه ما ابتلعه قبل وفاته، وأما إذا كان قصده حرمان الورثة فيشق عندهم بلا خلاف لأنه عندهم كالغاصب. وعند الحنابلة تفصيل ذكره ابن قدامة فإن كان المال لغيره وبلعه بلا إذنه فوجهان: أحدهما يشق إن كان كثيراً إذا لم يلتزم أحد الورثة بدفع قيمته أو مثله، لأنه لدفع ضرر المالك برده إليه، وعن الميت بإبراء ذمته، وعن الورثة بحفظ التركة لهم، والثاني: لا يشق بل يغرم من تركته لأنه إذا لم يشق من أجل الولد المرجوة حياته فمن أجل المال أولى، وأما إن كان المال الذي ابتلعه ماله فلا يشق لأنه استهلكه في حياته، قال ابن قدامة: ويحتمل إن كان يسيراً تُرك، وإن كثرت قيمته شُق بطنه وأُخرج لأن فيه حفظ المال من الضياع، ونفع الورثة الذين تعلق حقهم بماله.
ونوقش هذا الدليل: بأن الأصل المقيس عليه فيه مساس بالجسد بخلاف الفرع، وجاز فعل النبش لمكان الحق المغصوب، فكأن الميت متسبباً في أذية نفسه بخلاف الفرع الذي لا علاقة للميت بمصلحته ولم يتسبب فيما يوجبها بأي وجهٍ من الوجوه، ثم إن ينبش قبره لذلك الغرض لا يستغرق إلا زمناً يسيراً ثم يعاد إلى القبر الذي سيواري الجثة بدلاً عن الكفن، بخلاف التشريح الذي يستغرق الساعات، بل والأيام العديدة.