إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) أما بعد:
فإن دين الإسلام هو خاتم الرسالات أتم الله بكماله النعمة على عباده ولما كان الأمر كذلك فإنه دون أدنى شك صالح لأن يعمل به في كل زمانٍ ومكان، ومما يجعله كذلك اتسام تشريعاته باليسر والسهولة ودرئه للمفاسد ومراعاة المصالح وتقديم العامة منها على الخاصة، وجمعه في وقتٍ واحدٍ بين التمسك بالمباديء والقيم وبين الواقعية والمراد بالواقعية هنا أنه يمكن تطبيقه على أرض الواقع بلا حرجٍ ومشقة، لا بمعنى الخضوع للواقع كما يحلو للبعض أن يفسر به الواقعية، والمسلم يؤمن بذلك على كل حال لكنه حينما يدرس عن قرب ما استجد من أمور (١) ليرى هل يجد لها في الإسلام حكماً ينبهر حينما يجد أن علماء الإسلام قديماً وحديثاً كتبوا في مسائل كثيرة دقيقة ومتنوعة ومما ساعدهم على ذلك عملهم بالقياس وتطبيقهم للقواعد الفقهية التي يمكن أن يندرج تحتها كثيرٌ من المسائل بل لقد ألف بعض العلماء قديماً كتباً في النوازل خاصة، وفي العصر الحاضر أقيمت المجامع الفقهية لبحث النوازل المستجدة، وقد من الله علينا بدراسة مقرر (فقه النوازل) بمرحلة الدكتوراة فشعرنا حينها بشعورين متناقضين شعور بالفرح والسرور وشعور بالأسى والحزن فالسرور اسشعاراً بنعمة الله علينا بهذا الدين وانتسابنا إليه، والأسى لأن كثيراً من المسلمين في بلادٍ كثيرةٍ
(١) - وقد استجدت أمور كثيرة وخاصةً في النواحي المالية والطبية، وقد تكون بعض النوازل مما عمت به البلوى واحتاج إليه الناس، وبعضها بسبب تساهلهم في الحرام وتقليدهم للكفار، وقد قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور.