ويلزم على هذا القول عدم جواز السلم، أو صرف نقد الذهب بالفضة لاشتراط التقابض وهو غير متحقق هنا لأنها سندات بدينٍ كما سبق، ويحرم البيع في الذمة لأنه يكون بيع دينٍ بدين، ثم إنها إذا كانت سنداً بدين فيجري فيها الخلاف في زكاة الدين.
مناقشة هذه القول: هذا القول بُني على التعهد المكتوب، وهذا التعهد هو في مرحلة من مراحل تطور النقد كان تعهداً حقيقياً، وأما الآن فهو تعهد اسمي.
وأما كونها مغطاةً بالذهب والفضة فهذا أيضاً إحدى المراحل فيها والتي لم تعد الدول تلتزم بها، فقد تغطى بالذهب وقد يكون الغطاء عقاراً أو غيره وقد يكون جزئياً. وأما أنها ليست لها قيمة في ذاتها فهذا حق فقيمتها اعتبارية، لأن السلطات تضمن في حال إبطالها قيمتها مما يجعل الثقة بتمولها وتداولها قوية، ثم إن هذا القول فيه من الحرج الشئ الكثير والله تعالى قد وضع الحرج عن هذه الأمة.
٢- النظر إليها باعتبارها عرضٌ من عروض التجارة، وممن قال بهذا الشيخ: عبد الرحمن السعدي (رحمه الله) :
لأنها مالٌ متقومٌ مرغوب فيه ومدخر يباع ويشترى، ومخالفٌ في ذاته ومعدنه للذهب والفضة، ثم أنه ليس بمكيل ولا موزون فليس من الأجناس الربوية حتى يلحق بها. وأما التعهد المكتوب فلا يخرجها عن حقيقتها ولا يجعلها كالذهب والفضة.
ويلزم على هذا القول أن تعامل كعروض تجارية فلا تجب فيها الزكاة مالم تعد للتجارة، ولا يجري الربا فيها.
مناقشة هذا القول: أنها وإن كانت عرضاً إلاّ أنها انتقلت عن جنسها إلى جنس ثمني بدليل أنه لو أبطل السلطان التعامل بها لفقدت قيمتها وهذا يلحقها بالذهب والفضة، وأما اختلاف ذاتها ومعدنها عن الذهب والفضة فلا تأثير لهذه المخالفة. فالعبرة بكونها أثماناً في نظر الناس.