وأجيب بأن ذلك غير مسلم بدليل الواقع إذ لم يمنع ذلك من طباعة الكتب ونشرها.
٢- أن العلم يعد قربةً وطاعة والقربة لا يجوز الحصول على أجرٍ ماليٍ في أدائها كما كان حال السلف الصالح.
وأجيب بأن المتأخرين من الفقهاء أفتوا بجواز أخذ الجرة على فعل الطاعات كالإمامة والأذان وتعليم القرآن.
٣- أن حق المؤلف حق مجرد كحق الشفعة فلا يجوز الاعتياض عنه.
وأجيب بأنه قياسٌ مع الفارق لأن حق الشفعة من الحقوق التي أثبتها الشارع لأجل دفع الضرر عن الشفيع فلا يجوز الاعتياض عنها، وأما حق المؤلف فليس لدفع ضررٍ عن المؤلف بل مقابل جهدٍ فكريٍ وبدني.
القول الثاني: يجوز وقال به كثير من المعاصرين ومنهم الشيخ/ مصطفى الزرقاء، والدريني والزحيلي وغيرهم واستدلوا بما يلي:
١- أن المنفعة (١) تعد مالاً عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة بدليل أن الأصل في المهر أن يكون مالاً ومع ذلك يجوز أن يكون المهر منفعةً كما يدل على ذلك قصة شعيب وموسى (عليهما السلام) . وإذا كانت المنافع وهي من الأمور المعنوية مالاً فالإنتاج الذهني أيضاً يمثل منفعةً من منافع الإنسان.
٢- أن العرف جرى على اعتبار حق المؤلف في تأليفه وإبداعه فأقر التعويض عنه والجائزة عليه وهذا العرف لا يصادم نصاً والعرف له دخل كبير في مالية الأشياء قال السيوطي: لا يقع اسم المال إلا على ماله قيمة يباع بها وتلزم متلفه وإن قلت وما لايطرحه الناس.
٣- أنه لا يجوز نسبة القول إلى غير قائله لينال خيره ويتحمل وزره، وقد روى الغزالي أن الإمام أحمد سئل عمن سقطت منه ورقة كتب فيها أحاديث أو نحوها أيجوز لمن وجدها أن يكتب منها ثم يردها؟ قال: لا بل يستأذن.
٤- أن المؤلف مسئول عما يكتب بدليل قوله تعالى (ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد) فيكون له بالمقابل الحق فيما أبدعه من خيرٍ عملاً بقاعد (الغنم بالغرم) وقاعدة (الخراج بالضمان) .