٢- القياس على ما يطهر بالاستحالة كالمسك فإنه طاهر مع أنه من الدم، لأنه استحال عن جميع صفات الدم، والخمرة تطهر إذا انقلبت بنفسها خلاً، والدم يصبح منياً، والعلقة تصبح مضغة، ولحم الجلالة الخبيث يصبح طيباً إذا علف الطيب، وما سقي بنجس إذا سقي بالماء الطاهر، والجلد يصبح طاهراً بعد الدبغ. قال ابن تيمية (رحمه الله) : وتنازعوا فيما إذا صارت النجاسة ملحاً في الملاحة أو صارت رماداً، أو صارت الميتة والدم والصديد تراباً كتراب المقبرة فهذا فيه خلاف، ثم قال: والصواب أن ذلك كله طاهر إذ لم يبق شئ من النجاسة لا طعمها ولا لونها ولا ريحها. وقال ابن قدامة (رحمه الله) : يتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالاستحالة.
اعتراض ودفعه: أن الخمر إذا انقلبت خلاً بنفسها طهرت، وإذا خللت لم تطهر فيقاس عليها غيرها. والجواب: أن الخمرة إنما لم تطهر لأنه يحرم تخليلها، ولأن اقتناء الخمر حرام فمتى قصد باقتنائها التخليل كان قد فعل محرماً، والله أعلم.
٢- وقيل بأن النجاسات لا تطهر بالاستحالة وهي وراية عن أحمد وقول لمالك، وللشافعي فيما نجاسته عينية كالميتة، واستدلوا بما يلي:
١- أن النجاسة لم تحصل بالاستحالة فلم تطهر بها كالدم إذا صار قيحاً وصديداً.
٢- واحتياطاً للشك في النجاسة. ٣- ولأن الأجزاء الجديدة هي تلك الأجزاء السابقة للنجاسة. ٤- قياساً على الجلالة فمع أن النجاسة استحالت لم يحكم بطهارتها.
ونوقش بأن النجاسة قد زالت، وأما الجلالة فإنها تطهر بإطعامها الطاهر.
الترجيح: الراجح هو طهارة مياه الصرف الصحي إذا زالت النجاسة تماماً لزوال أوصافها وهي اللون والطعم والرائحة فتعود المياه إلى أصلها وهو الطهورية وإن كان ينبغي للمسلمين اجتنابها اكتفاءً بالمياه الأخرى ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً احتياطاً، ولأن النفس قد تعاف تلك المياه وتستقذرها، وهذا ما أفتتنت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.