.. قلت وفي مسألتنا لدينا أجهزة طبية متقدمة لا تكفي للمريضين بسبب كونها مشغولة لمرضى آخرين فأي المريضين نقدم؟ لو كانا على حالة واحدة وجاءا في آن واحد لكان لنا التخيير كما قال العز بن عبد السلام في القواعد ١/١٤٥:" الفصل الرابع فيما يقدم من حقوق بعض العباد على بعض ترجيح التقديم على التأخير في جلب المصالح ودرء المفاسد وله أمثلة.. منها تقديم ذوي الضرورات على ذوي الحاجات فيما ينفق من الأموال العامة وكذلك التقديم بالحاجة الماسة على مادونها من الحاجات".
سابعاً: أنه نظيرٌ لمسائل ذكرها الفقهاء وحكموا فيها بالتحريم لأنها تحتوي على إنقاذٌ لنفسٍ بقتل أخرى وهذا لا يجوز، ومن هذه المسائل:
أ- جاء في تكلمة البحر الرائق (٨/٢٠٥) : امرأة حامل اعترض الولد في بطنها ولا يمكن إلا بقطعه أرباعاً ولو لم يفعل ذلك يخاف على أمه من الموت فإن كان الولد ميتاً في البطن فلا بأس به وإن كان حياً لا يجوز؛ لأن إحياء نفس بقتل نفس أخرى لم يرد في الشرع".
قلت: قوله إحياء نفس بقتل نفس أخرى لم يرد في الشرع " دليل لما نحن فيه فنزع الأجهزة من الأول المؤدي إلى موته لوضعها على الآخر من قبيل قتل نفس لإحياء نفس أخرى.
ويجاب بأن هذه المسألة مختلفٌ فيها فقد قال بعض العلماء بالجواز لأن حياة الأم متيقنة فهي أعظم حرمةً وحياة الجنين متوهمة.
ب- وقال العز بن عبد السلام (عبد العزيز بن عبد السلام السلمي ت ٦٦٠ هـ) في قواعد الأحكام ص٨٢: إذا اغتلم بحيث علم ركبان السفينة أنهم لا يخلصون إلا بتغريق بعض الركبان لتخف بهم السفينة فلا يجوز إلقاء أحد منهم في البحر بقرعة ولا بغير قرعة لأنهم مستوون في العصمة وقتل من لا ذنب له محرم، ولو كان في السفينة مال أو حيوان محترم لوجب إلقاء المال ثم الحيوان المحترم؛ لأن المفسدة في فوات الأموال والحيوانات المحترمة أخف من المفسدة في فوات أرواح الناس". انتهى.