للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جانبه راكب، وكان يخرج من مجلس القضاء إلى المسجد، فإذا همَّ رجل أن يدنو منه دفعه عنه وقال: اذهب حتى يجلس القاضي في مجلس القضاء (١).

ومن التفخيم الذي ينبغي لمجلس القضاء أن يكون للقاضي اعتناء بحسن زيه ومظهره؛ لأنه أهيب لقضائه وحكمه في نفوس الخصوم والشهود. قال ابن المناصف (ت ٦٢٠ هـ): (وليجتهد أن يكون جميل الهيئة ظاهر الأبَّهة وقور المشية والجلسة حسن النطق والصمت، محترزًا في كلامه من الفضول وما لا حاجة به، كأنما يعد حروفه على نفسه عدًّا، فإن كلامه محفوظ وزللَه في ذلك ملحوظ، وليقلل عند كلامه الإشارة بيده والالتفات بوجهه، فإن ذلك من عمل المتكلفين وصنع غير المتأدبين، وليكن ضحكه تبسمًا ونظره فراسة وتوسمًا وإطراقه تفهمًا، ويكون أبدًا متردِّيًا بردائه حسن الزي وليلبس ما يليق به؛ فإن ذلك أهيب في حقه وأجمل في شكله وأدل على فضله وعقله، وفي مخالفة ذلك نزول وتبذل، وليلزم من السمت الحسن والسكينة والوقار ما يحفظ به مروءته فتميل الهمم إليه، ويكبر في نفوس الخصوم الجراءة عليه، من غير تكبر يظهره ولا إعجاب يستشعره، فكلاهما شين في الدين وعيب في أخلاق المؤمنين) (٢).


(١) قضاة قرطبة، الخشني (٦٨).
(٢) تبصرة الحكام، ابن فرحون (١/ ٢٦).

<<  <   >  >>