للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لمجلس الإفتاء ثمرات وفوائد جليلة، يمكن إيجاز أهمها فيما يأتي بيانه:

١ - مجالس الفتيا سبيل إلى تجديد الشريعة ودوامها ورسوخها بتجديد الاجتهاد فيها، وإدمان البحث والنظر في مسائلها، فالفقه ينمو بنموِّ الحياة ويخمد حيث تخمد، ولهذا كانت مجالس الفتيا في المدن والأمصار الكبيرة أعظم منها في غيرها، بل كان الفقهاء يضيقون ذرعًا في المدن التي لا يجدون فيها سائلًا للعلم أو مستفتيًا. ومن ذلك أن سفيان الثوري (ت ١٦١ هـ) قدم عسقلان فمكث ثلاثًا لا يسأله أحد في شيء، فقال: (اكتر لي أخرج من هذا البلد، هذا بلد يموت فيه العلم) (١). ومن الفقهاء (من كان يستحب أن يُسأل ويقول: سلوني)، كما بوَّب بذلك ابن أبي شيبة (ت ٢٣٥ هـ)، وقال علي رضي الله عنه: (ألا رجل يسألني فينتفع وينتفع جلساؤه؟) (٢)، وكان عكرمة (ت ١٠٥ هـ) يقول: (ما لكم لا تسألوننا؟ أفْلَستُم؟!) (٣). وكان عروة (ت ٩٤ هـ) يقول: (ائتوني فتلقَّوا مني) (٤). وقد قال الإمام أحمد (ت ٢٤١ هـ): (سبيل العلم مثل


(١) جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر (١/ ٦٠٩)، مع تصحيح لفظةٍ منه من: مختصر جامع بيان العلم وفضله للمحمصاني (١٤٧)، وبنحوه في: ربيع الأبرار، الزمخشري (٣/ ٢٦٩).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الأدب، باب من كان يستحب أن يُسأل (٢٦٩٤٧).
(٣) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الأدب، باب من كان يستحب أن يُسأل (٢٦٩٤١).
(٤) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الأدب، باب من كان يستحب أن يُسأل (٢٦٩٤٤).

<<  <   >  >>