للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المذاكرة مفاعلة من الذِّكر، والذكر حفظ ما يقتنيه الإنسان من المعرفة فهو بخلاف النسيان، ثم حُمل عليه الذكر باللسان، ولذا قيل: الذِّكر ذكران: ذكر بالقلب وذكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان: ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان بل عن إدامة الحفظ (١). فكأن المتذاكرين بالعلم يجريانه على ألسنتهما ليحفظاه بذلك في قلوبهما.

أما المباحثة فمفاعلة من البحث وهو الكشف والطلب والتفتيش والسؤال والاستخبار عن الشيء، ويقال: باحثه في الشيء إذا بحث معه فيه، وتباحثا؛ أي: تبادلا البحث (٢).

فالمذاكرة والمباحثة مختلفان في معناهما وغرضهما، فغرض المذاكرة مدارسة العلم بين اثنين فأكثر حتى يثبت في الذهن فلا يُنسى، أما المباحثة فأن يبحث اثنان فأكثر عن الشيء لا يعلمانه حتى يعلمه من كان به جاهلًا.

فإن قيل: فإن كان غرضهما مختلفًا فلم كان الحديث عنهما في سياق واحد؟ قيل: لأنهما كانا كذلك في مجالس أهل العلم، فغالب مجالس الفقه بين الأقران إما مذاكرة أو مباحثة أو مناظرة، فأما المناظرة فبابها مختلف؛


(١) انظر: المفردات في غريب القرآن، الراغب (٣٢٨)، مقاييس اللغة، ابن فارس (٢/ ٣٥٨)، تاج العروس، الزبيدي (١١/ ٣٧٦).
(٢) انظر: المفردات في غريب القرآن، الراغب (١٠٨)، الصحاح، الجوهري (١/ ٢٧٣)، تاج العروس، الزبيدي (٥/ ١٦٣)، المعجم الوسيط (٤٠).

<<  <   >  >>