للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال أبو الفتح بن ملامس (ت: بعد ٤٢٠ هـ) حاكيًا مذاكرته مع أبي حامد الإسفراييني (ت ٤٠٦ هـ) بمكة: (وحضرت معه مجلس مذاكرة، فألقى عليَّ ستين مسألة ما أخطأت القولين من الوجهين ولا وجهين إلى قولين، ثم استأذنته في الإلقاء عليه فأذن لي، فألقيت عليه فصار يجيبني بأحد القولين أو بأحد الوجهين، تارة بنص وتارة بنظر. فلما فطن أني استقصرت حفظه قال لي: ما أنت إلا ذكيٌّ فاهم فطن تصلح لطلب العلم، فهل لك في الرواح معي إلى بغداد، وأجعلك ملقي مدرستي وأكبر أصحابي عندي؟ فلم أزد على شكره وتحسين قوله؛ إجلالًا للعلم وأهله، واعتذرت بأني لم أخرج من اليمن على هذه النية) (١).

ومن أجل هذا جاءت الوصية من أهل العلم بإدمان المباحثة مع كل أحد؛ لأن الحكمة ربما تحصلت عند من لا يظن به الحكمة. قال أبو الوفاء بن عقيل (ت ٥١٣ هـ): (من أكبر ما يُفوِّت الفوائد ترك التلمح للمعاني الصادرة عمن ليس بمحل للحكمة. أترى يمنعني من أخذ اللؤلؤة وجداني لها في مزبلة؟ كلا) (٢).


(١) طبقات فقهاء اليمن، الجعدي (١٠٨).
(٢) الآداب الشرعية، ابن مفلح (٢/ ٢١٥).

<<  <   >  >>