ضده يعني أنه كما يقدم الشرعي في كلام الشارع على العرفي والعرفي على اللغوي يقدم محتمل اللفظ الراجح الذي عارضه محتمل له مرجوح كالتأصل فإنه مقدم على الزيادة فيحمل عليه دونها كقوله تعالى:((لا أقسم بهذا البلد)) قيل، لا زائدة وقيل: لا نافية وكذا يقدم الاستقلال على الإضمار كقوله تعالى: ((أن يقتلوا أو يصلبوا)) الآية قال الشافعي: يقتلون أن قتلوا وتقطع أيديهم إن سرقوا، ونحن نقول: الأصل عدم الإضمار أي الحذف وكذا يقدم التأسيس على التأكيد كقوله تعالى ((فبأي آلاء ربكما تكذبان)) من أول السورة إلى آخرها فتحمل الآلاء في كل موضع على ما تقدم قبل لفظ ذلك التكذيب فلا يتكرر منها لفظ وكذا يقال في سورة والمرسلات فيحمل على المكذبين بما ذكر قبل كل لفظ، وكذا يقدم العموم على الخصوص قبل البحث عن المخصص عند أكثر المالكية كقوله تعالى:((وأن تجمعوا بين الأختين)) أي سواء كانتا حرتين أو مملوكتين ولا يختص بالحرتين دون المملوكتين، وكذا يقدم البقاء على النسخ كقوله تعالى:((قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما)) الآية فحصر التحريم في الأربعة يقتضي إباحة ما سواها ومن جملته سباع الطير وورد نهيه صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب ومخلب من الطير فاختلفوا فيه هل هو ناسخ للإباحة أو لا؟ والأكل مصدر مضاف إلى فاعله وذلك الأصل في إضافة المصدر فيكون الحديث مثل قوله تعالى ((وما أكل السبع)).
ويقدم الإفراد على ضده الذي هو الاشتراك فجعل النكاح مثلا لمعنى واحد وهو الوطء أرجح من كونه مشتركا بينه وبين سببه الذي هو العقد ويقدم الإطلاق على التقييد كقوله تعالى ((لئن أشركت ليحبطن عملك)) فعند المالكية أن مطلق الشرك محبط، وقيده الشافعي بالموت على الكفر وأجيب بأن الأصل عدم التقييد، ويقدم الترتيب على التقديم والتأخير كقوله تعالى ((والذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا)) الآية ظاهرها أن الكفارة لا تجب إلا بالظهار والعود معا وقيل فيها تقديم وتأخير تقديره والذين يظهرون من نسائهم فتحرير رقبة ثم يعودون لما قالوا قبل الظهار سالمين من الإثم بسبب الكفارة وعلى هذا لا يكون العود شرطا في كفارة الظهار وإنما قدم ما