يعني أن الراجح عند المالكية كون استصحاب العدم الأصلي من هذا الباب أي باب الاستدلال فهو حجة والعدم الأصلي هو انتفاء الأحكام السمعية في حقنا قبل بعثته صلى الله وعليه وسلم لقوله تعالى:((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا)) أي ولأن ثبوت العدم في الماضي يوجب ظن عدمه في الحال لكن إنما يحتج به بعد قصارى البحث أي غايته عن دليل يدل على خلافه فلم يوجد فإذا وجد عمل به وهذا البحث أي استفراغ الجهد في طلب الدليل وعدم وجوده واجب اتفاقًا في الاستصحاب وغيره.
فالمراد بالنص مطلق الدليل كعدم وجوب صوم رجب لأن رجبا لم يثبت في صومه شيء إلا حديث صوموا من الحرم وافطروا وهو ضعيف لا يحتج به وخالف الأبهري وأبو الفرج منا وظائفه من الفقهاء فمنهم من قال الأصل الحظر لقوله تعالى:((يسئلونك ماذا أحل لهم)) وقوله: ((أحلت لكم بهيمة الأنعام)) ومنهم من قال الأصل الإباحة لقوله تعالى: ((خلق لكم ما في الأرض جميعًا)) والفرق بين القول بأصالة العدم الأصلي إن الإباحة على أصالة العدم عقلية وعلى القول الآخر شرعية.
وإن يعارض غالبا ذا الأصل ... ففي المقدم تنافي النقل
يعني أن محل استصحاب العدم الأصلي ما لم يعارض الغالب الأصلي وإلا فقيل يقدم الأصل على الغالب وقيل يقدم الغالب عليه كاختلاف الزوجين في النفقة الغالب دفعها لها والأصل بقاؤها في ذمة الزوج إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان واتفقوا في مسائل على تغليب الأصل على الغالب كالدعاوي فإن الأصل براءة الذمة