مستوفى بصيغة اسم المفعول ومعنى استيفائه له حفظ ما فيه من الروايات والأقوال وعلم عامها وخاصها ومطلقها ومفيدها كما تقدم قوله فقط أي دون ما لم يستوفه فلا يجوز الاقتداء به فيه قوله وأمما فعل أمر أي اقتد به فيما نقل مستوفي وهذه الرتبة هي التي تلي رتبة المجتهدين الثلاثة:
يجوز الاجتهاد في فن فقط ... أو في قضية وبعض قد ربط
يعني أن الصحيح الذي عليه الأكثر جواز تجزي الاجتهاد بأنواعه الثلاثة في فن دون غيره من الفنون كالانكحة دون البيوع والعكس ومن عرف الفرائض مثلًا لا يضره جهله بعلم النحو ومن عرف القياس فله أن يفتي في مسئلة قياسية إذا علم عدم المعارض ولا يضره جهله بعلم الحديث وكذا يجوز أن يبلغ رتبة الاجتهاد في قضية أي مسئلة دون غيرها ووقع لأبن القاسم وغيره في مسائل معدودة خالفوا فيها مالكًا رحمه الله تعالى وبعضهم يقول إن المخالفة فيها باعتبار أصوله لا أنهم نظروا فيها نظرًا مطلقًا كما هو كثير من اللخمي وقيل لا يجوز لارتباط العلوم والمسائل بعضها ببعض لاحتمال أن يكون فيما لم يبلغ رتبة الاجتهاد فيه معارض لما بلغها فيه بخلاف من أحاط بالكل ونظر فيه وليس من تجزي الاجتهاد قول المجتهد في بعض المسائل لا أدري وأجابته عن البعض كما ظنه بعضهم لأنه متهئ لمعرفة ذلك إذ أصرف النظر إليه كما تقدم في قولنا والعلم بالصلاح إلخ ... وقد يتجزأ الاجتهاد لمن دون مجتهد الفتيا وهو صاحب المرتبة الرابعة قاله في الآيات البينات:
والخلف في جواز الاجتهاد أو ... وقوعه من النبي قد رووا
فاعل رووا ضمير أهل الأصول يعني أن متأخري الأصوليين كابن الحاجب والسبكي والقرافي نقلوا عن متقدميهم الخلاف في جواز اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيما لا نص فيه