وفي وقوعه بناء على جوازه فالصحيح وهو مذهب الجمهور جوازه وعداه بعضهم إلى سائر الأنبياء لوقوعه كما في الأدلة الآتية وقال بعض الشافعية والجباء وأبنه من المعنزلة بالمنع لقدرته على اليقين بالتلقي من الوحي بأن ينتظره والقادر على اليقين في الحكم لا يجوز له الاجتهاد فيه اتفاقًا ورد بأن إنزال الوحي ليس في قدرته وبعدم انحصار سبب اليقين في التلقي من الوحي لأن الصواب في اجتهاد أنه لا يخطئ فيكون الاجتهاد أيضًا سبب اليقين فلا يتم الدليل على منع الاجتهاد إلا إذا كان هذا المانع من القائلين بأن اجتهاده قد يخطئ وقال بعضهم يجوز اجتهاده في الآراء والحروب ويمنع في غيرهما جمعًا بين الأدلة وقال أكثر المحققين بالوقف وقال عياض لا خلاف أنه له ذلك في الأمور الدنيوية كترك تلقيح النخل وأن له الرجوع في ذلك إلى غيره وقال في الآيات البينات أن القرافي أدعى أن محل الخلاف في الفتاوي وأن الأقضية يجوز فيها من غير نزاع قال وقد يفرق بأن القضاء غالبًا يترتب على النزاع والخصومة والشارع ناظر إلى المبادرة إلى فصل ذلك بقدر الإمكان وفي وقوعه مذاهب الوقوع وهو مختار الأمدي وأبن الحاجب السبكي لقوله تعالى ((وشاورهم في الأمر)) ((وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث)) الآية ((ما كان لنبيء أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض)) ((عفا الله عنك لم أذنت لهم)) عوتب على استبقاء أسرى بدر بالفداء وعلى الإذن لمن ظهر نفاقهم في التخلف عن غزوة تبوك ولا يعاتب فيما صدر عن وحي فيكون عن اجتهاده وقال بعضهم بعدم الوقوع وقال بعضهم بالوقف وصححه الغزالي.
تنبيه:
إذا قاس النبي صلى الله عليه وسلم فرعًا على الأصل جاز القياس على هذا الفرع عند الغزالي لأنه صار أصلًا بالنص قال وكذا لو اجتمعت الأمة عليه وخالفه الأبياري من المالكية ورأى أنه بمنزلة الفرع الثابت حكمه من المجتهد وعليه فمن يقيس على الفرع يقيس عليه ومن لا فلا.