وعلى الثاني يؤجر عليه وعلى الاجتهاد جميعًا وإنما كان المجتهد في الفروع لا يأثم إذا أخطأ لأنه أضاف إلى الله تعالى ما يجوز أن يكون شرعه بخلاف خطأه في العقليات فإنه يأثم لأنه أضاف إليه تعالى ما هو مستحيل عليه قاله القرافي:
ومن رأى كلا مصيبًا يعتقد ... لأنه يتبع ظن المجتهد
أو ثم ما لو عين الحكم حكم ... به لدرء أو لجلب قد ألم
يعني أن بعض الأصوليين كالأشعري إمام أهل السنة والقاضي أبي بكر الباقلاني منا وقيل أن الأول شافعي وأبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة وأبن سريج من الشافعية قالوا إن كل مجتهد في المسألة التي لا قاطع فيها مصيب لقوله صلى الله عليه وسلم (اختلاف أمتي رحمة) ولو كان واحد مخطئًا لكان عذابًا ومعنى رحمة أنه توسعة على الأمة ولقوله (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وأهل هذا المذهب يقال لهم المصوبة ومن يقول المصيب واحد يقال لهم المخطئة بتشديد الطاء ثم قال الأولان حكم الله فيها تابع لظن المجتهد فما ظنه فيها من الحكم فهم حكم الله تعالى في حقه وحق من قلده والتبعية باعتبار تعلق الحكم التنجيزي به ولمقلديه لا باعتبار ذاته لأن الحكم قديم فلا يتبع غيره والتعلق التنجيزي حادث وقال الثلاثة الباقون في المسألة شيء لو حكم الله فيها على التعيين لكان به وإلا فقد حكم لكن على الإبهام بأن جعل حكمه فيها ما يظنه المجتهد فالمعنى أنه ما من مسألة إلا ولها مناسبة خاصة ببعض الأحكام بعينه بحيث لو أراد الله الحكم على التعيين لكان بذلك البعض بعينه وتسمى هذه المقالة الأشبه والمناسبة تكون لكونه راجحًا في درء المفسدة أو جلب المصلحة والشريعة تعتمدهما وهذا القول حكم بالفرض والتقدير لا بالتحقيق ومعنى قد ألم قد حصل فيه ما ذكر من الدرء أو الجلب وبيان ذلك كما في شرح المحصول للقرافي إنا نقطع في زماننا هذا أن لا نبي لله تعالى ظاهر في الأرض لإخبار الله تعالى بذلك ومع ذلك نقول لو أراد الله أن يبعث نبيًا لكان فلانًا ونشير إلى من نعتقده خير زماننا