الفقه التي لا قاطع فيها وهو الأصح من مذهبه وهو مذهب الجمهور حجة الجمهور أنه تعالى شرع الشرائع لتحصيل المصالح الخالصة أو الراجحة أو لدرء المفاسد كذلك ويستحيل وجودها في النقيضين فيتحد الحكم:
فالحكم في مذهبه معين ... له على الصحيح ما يبين
معين بصيغة اسم المفعول ويبين بالبناء للفاعل يعني أن حكم الله تعالى في الواقعة معين قبل حصول الاجتهاد فيها على مذهب مالك القائل بأن المصيب واحد لكنه غير معلوم لنا فمن أصاب ذلك الحكم المعين فهو المصيب ومن أخطاه فهو المخطئ ولذلك الحكم المعين ما يبينه أي يظهره للمجتهد من إمارة أي دليل ظني وقيل قطعي فإن أخطأه لم يأثم لغموضه ولم يذهب إلى التأثيم حالة الخطأ إلا المريسي من المعتزلة وقيل لا دليل على ذلك الحكم المعين لا قطعي ولا ظني أي ليس بينه وبين شيء ارتباط ينتقل به إليه بل هو كدفين يعثر عليه بالاتفاق والنصوص أسباب عادية للمصادفة كالمشي إلى محل الدفين والقول بأن عليه دليلًا هو الصحيح:
مخطئه وإن عليه انحتما ... إصابة له الثواب ارتسمًا
بالبناء للفاعل كالفعل قبله وله متعلق بارتسم بمعنى ثبت يعني أن المجتهد إذا أخطأ ذلك الحكم المعين يثبت له الأجر لبذله وسعه في طلبه قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد) والأجر ثابت وإن قلنا إن المجتهد واجب عليه إصابة ذلك الحكم لإمكانها وأحرى في ثبوت الأجر له إذا مشينا على القول بأن المجتهد غير واجب عليه إصابة الحكم لغموضه فالحاصل أنهم اختلفوا في كون الثواب على القصد أو على الاجتهاد فعلى الأول يؤجر على قصده الصواب ولا يؤجر على الاجتهاد لأنه أفضى به إلى الخطأ.