اطراحه بتشديد الطاء مصدر مضاف إلى فاعله والنظر مفعوله وإلى الحطام متعلق بالنظر وجاعل حال من الضمير فاعل الاطراح والوطر مفعول جاعل الثاني ومتصفًا ومحاشيًا حالان من صاحب الحال الأول والحطام المراد به الدنيا استعير لها ما تكسر من الأعواد والحشيش يعني أنه يستحب للمفتي أن يطرح النظر إلى الدنيا بأن يكتفي بما في يده عما في أيدي الناس ويجعل وطره أي حاجته التي له فيها هم وعناية رضي الله تعالى بهداية العوام ويستحب أن يكون متصفًا بالسكينة والوقار مجتنبًا لمجالس الأشرار أي السفهاء كما روي عن مالك أنه لم يجالس سفيها ومتى تلجأ المفتي ضرورة إلى مجالسة السفهاء فلا بأس حينئذ مع كفهم عمالًا يليق بحضرته:
والأرض لا عن قائم مجتهد ... تخلو إلى تزلزل القواعد
يعني أنه لم يقع في الأرض خلو الزمان عن مجتهد مطلق أو مقيد كما لولي الدين قائم ذلك المجتهد لله بالحجة على خلقه تفوض إليه الفتوى وينصر السنة بالتعليم والأمر بإتباعها وينكر البدعة ويحذر من ارتكابها سواء كان ذلك القائم محددًا أم لا ما لم تتزلزل قواعد الزمان أي يختل انتظام الدنيا كطلوع الشمس من مغربها ويحتمل أن يراد بالقواعد قواعد الدين وأحكام الشريعة وبتزلزلها تعطلها والأعراض عنها دليل عدم الوقوع حيث الصحيحين (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله) أي الساعة قال البخاري وهم أهل العلم فإن تزلزلت القواعد أي أركان الدنيا أو الدين خلا الزمان من المجتهد المذكور لحديث الصحيحين ...
إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رءوسًا جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا. وفي مسلم أن بين يدي الساعة أيامًا أيامًا يرفع الله فيها العلم وينزل فيها الجهل: