للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقول مر بنا قولهم (ناقشه الحساب) فإنك تقول فيه (ناقشه في الحساب) أيضاً، وهما بمعنى. ففي الأساس: "وناقشه الحساب وفي الحساب"، فإذا كان الأصل هاهنا تعدية المفاعلة إلى مفعول واحد، وأنها عدِّيت إلى اثنين بحذف الجار، فقد صح بذلك أن قولك (ناقشه الحساب) من قبيل الحذف والإيصال. ومما يدلك على أن الأصل فيه التعدية إلى واحد اكتفاء بعض المعاجم بالقول "وناقشته مناقشة استقصيت في حسابه"، دون التصريح بتعديته إلى المفعول الثاني، كما فعل صاحب المصباح. وقد ابتدأ الصحاح بالقول: "والمناقشة الاستقصاء في الحساب" ثم أورد الحديث "من نوقش الحساب عُذب"، فدل به على جواز تعديته إلى اثنين. ولا ننس أن الأصل في المفاعلة التي هي للمشاركة عامة أن تتعدى إلى واحد.

كما مرّ بنا قولهم (نافسه الأمر) و (نافسه فيه) وأن الأصل نافسه فيه، وهما بمعنى، فثبت بهذا أنه على الحذف والإيصال.

وثمة (نازعه الأمر) و (نازعه فيه) ، وليسا هما بمعنى عند التحقيق. فنازعه الأمر على معنى مجاذبة الشيء، وإذا جاذب خالد صاحبه شيئاً فقد حاول كل جذب الشيء إليه، وكذلك نازعه الأمر. ولا تقتضي المجاذبة هنا أو المنازعة مخاصمة أو عداوة بالضرورة.

فانظر إلى قول الزمخشري في الأساس "ونازعه الكلام.. والفرس ينازع فارسه العنان، ونازعني بنانه: صافحني" فليس في أي صورة من هذه الصور مخاصمة أو معاداة.

وفي النهاية: "ومنه الحديث: مالي أُنازع القرآن أي أجاذب في قراءته كأنهم جهروا بالقراءة خلفه فشغلوه" أي أنه نازعهم قراءة القرآن حين جهروا به فجاذبوه القراءة.

<<  <   >  >>