للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا عرفنا أن (نزع) في الأصل بمعنى (جذب) . قال الزمخشري في الأساس: "نزع من يده: جذبه وانتزعه.. ونزع الدلو من البئر.. ونازعه الثوب: جاذبه". أقول إذا عرفنا أن (نزع) بمعنى جذب أصلاً فقد اتضح بهذا أن (نازعه الكلام) بتعدية المفاعلة إلى مفعولين، هو الأصل كجاذبه إياه. فقد جاء في الأساس "ونازعه الكلام" كما جاء فيه "وتجاذبوا أطراف الكلام". وفي الصحاح: "وجاذبته الشيء إذا نازعته إياه" فهما بمعنى. وكذلك تنازعوه كتجاذبوه وتبادلوه وتقاسموه. ففي الأساس: "وتنازعوا الكأس تعاطوها". وجاء في كتاب كليلة ودمنة (في باب عرض الكتاب) : "ويكون مثل أصغر الأخوة الثلاثة الذين خلَّف لهم أبوهم المال الكثير، فتنازعوه بينهم، فأما الكبيران فإنهما أسرعا في إتلافه وإنفاقه في غير وجهه.. وأما الصغير فإنه عندما نظر إلى ما صار إليه أخواه.. أقبل على نفسه يشاورها..". فقوله (تنازعوه بينهم) بمعنى تناولوه وتقاسموه.

أما (نازعه فيه) فإن له شأناً آخر. قال صاحب الأساس: "نازعته في كذا: خاصمته، منازعة ونزاعاً" فنازعه فيه على معنى خاصمه فيه وقد يتجاوز هذا المعنى إلى عاداه. وهذا المعنى مجاز من معنى المجاذبة الذي هو الأصل. فقولك (نازعه الأمر) جاء على الأصل، فليس هو إذاً على الحذف والإيصال. أما (نازعه فيه) فقد جاء على معنى (المخاصمة أو المعاداة) فحمل عليها حين ضُمِّن معناها.

<<  <   >  >>