للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكلام الأئمة مثلاً على أن (العقول والألباب والعلوم والظنون) مصادر قد جمعت لاختلاف أنواعها، وهي على التحقيق مصادر عُدل بها إلى الاسمية فلم يبق لها من مصدريتها إلا اللفظ، ذلك أنها فقدت دلالة المصدر من حيث كونه جنساً لفعله وحدثه المتعلق بالفاعل. قال صاحب المصباح: "ثم أطلق العقل الذي هو مصدر على الحجا واللب" فغدا بهذا القوة المتهيئة لقبول العلم، كما قال صاحب المفردات، أو هو قوة للنفس الناطقة، أو هو ما يعقل به حقائق الأشياء، كما في التعريفات للجرجاني.

وهكذا (اللب) فهو مصدر في الأصل، تقول: (لبَّ بمعنى عقل) ثم سُلخ عنه، حين جُمع على الألباب، دلالته المصدرية. قال صاحب المفردات: "اللب العقل الخالص من الشوائب"، وكذا (الحلم) بالكسر فهو مصدر بمعنى الأناة وقد أنزل منزلة العقل المجرد من مصدريته فجمع على أحلام وحلوم.

أما (الظن) فقد حكى ابن منظور عن صاحب المحكم أنه يكون اسماً ومصدراً، وأن الذي جمع هو الاسم. وهكذا (العلم) إذا قصد به المعرفة المتصلة بموضوع، كقولك (علم النحو وعلم الفقه) فهو يجمع على علوم، وهو لا يدل على الحدث. قال أبو البقاء في الكليات: "واستعمال العلم بمعنى المعلوم شائع وواقع في الأحاديث كقول (وتعلموا العلم، فإن العلم هنا بمعنى المعلوم". قال الشيخ مصطفى الغلاييني في (جامع دروس اللغة العربية- ٢/٤١٤) : "فالمصدر الذي يراد به الاسم لا حدوث الفعل كما تقول: العلم نور، فإن لم يرد به الحدث فلا يعمل".

<<  <   >  >>