للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما كان الأمر على ما بيناه فليس شيء مما جمع وأصله المصدر باقياً على مصدريته. فكل ما جمع فقد جذب إلى الاسمية وخُرج به عن المصدرية. وإذا كان صاحب المصباح قد حكى عن الجرجاني قوله: "ولا يجمع المبهم إلا إذا أريد به الفرق بين النوع والجنس، وأغلب ما يكون فيما ينجذب إلى الاسمية نحو العلم والظن، ولا يطرد"، فإن الغلبة التي أشير إليها هي قياس لا ينكسر. فإذا قال الأئمة فيما جمع أنه مصدر فقد أرادوا أن ينبهوا على أصله الذي كان له قبل الجمع. وهكذا تصرّف الأئمة في جمع ما كان أصله المصدر ثم دعت حاجة التعبير إلى إنزاله منزلة الاسم فجمعوه.

ما جمعه الأئمة من المصادر حملاً على الاسمية:

جرى الأئمة على جمع مصادر ما فوق الثلاثي فأكثروا منه، وترددوا في جمع مصادر الثلاثي فأقلوا منه. فهم جمعوا استعمالاً واختراعاً واحتمالاً واعتقاداً واحتجاجاً واعتماداً وانتقالاً وإلزاماً واختياراً وابتداء. على استعمالات واختراعات واحتمالات واعتقادات.. كل ذلك بالألف والتاء، كما جمعوا تقريراً وتحديداً وتدقيقاً وتصحيفاً وتنبيهاً وتنزيلاً وتأويلاً وترخيصاً وتعريفاً فقالوا تقريرات وتحديدات وتدقيقات وتصحيفات وتنبيهات ... بالألف والتاء، وجمعوا إلحاقاً وأشكالاً وإعراباً وإلزاماً على الحاقات واشكالات وإعرابات وإلزامات بالألف والتاء أيضاً، كما جمعوا تصرفاً على تصرفات ... لكنهم جمعوا تركيباً وتقليباً وتعليلاً وتكبيراً وتصغيراً وتصنيفاً وتأليفاً وتفعيلاً وتقسيماً وتعبيراً وتصريفاً وتفسيراً على تراكيب وتقاليب وتعاليل وتكابير وتصاغير وتصانيف ... جمع تكسير، شاع ذلك في مؤلفات الأئمة شيوعاً متعالماً، كالإمام ابن جني في خصائصه والقاضي الجرجاني في وساطته والخفاجي في سر الفصاحة والزمخشري في كشافه وأساسه، بل الجاحظ في بعض رسائله، فقد جاء في (التربيع والتدوير/ ٢١٧) : "وعادته كطبيعته، وآخره كأوله، تحكي اختياراته التوفيق ومذاهبه التسديد".

<<  <   >  >>