هذا وقد وفق ابن جني في إنكار العلل الثواني أو علة العلل، فاعتد منها ما جاء تتميماً للعلة الأولى وشرحاً لها. لأنك إذا ابتغيت علة لكل علة فطلبت العلل الثوالث فيما بعد، أدّاك هذا إلى ما لا يُعد منها ولا يُحصى.
وشيء آخر لا بد من التعويل عليه في التعليل، وهو اقتران صحة الحكم النحوي بسلامة المعنى دون التعلق بما تقتاد إليه براعة الصناعة والافتنان بها من الجدل والتأويل.
كذلك كان كثير من الأوائل. وقد أراد عبد القاهر الجرجاني (٤٧١هـ) بكتابيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة أن يشير، فيما نبه عليه، إلى أن أصل المعنى يمكن أن يعبر عنه بطرق مختلفة وأساليب متباينة، وأن لكل عبارة من ذلك معنى تتفرد به. وليس يسوغ أن تؤدي العبارتان معنى واحداً، إلا إذا اتفقتا بنية وتركيباً من كل وجه.