للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد استمر المصريون يتلمذون لشيوخهم في العراق ويشرحون كتبهم حتى ظهر فيهم ابن هشام أبو محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف، وكان مصري المولد والنشأة (٧٠٨-٧٦١هـ) وقد قرع صيته الأسماع وفشا ذكره على الألسنة حتى قيل انه كان أنحى علماء عصره. عرف ابن هشام بكتابه الشهير (مغني اللبيب عن كتب الأعاريب) وهو كتاب جليل جامع غزير المادة، انتحى المؤلف في تأليفه نهجاً جديداً، قال ابن خلدون في مقدمته: "وصل إلينا بالمغرب لهذه العصور ديوان منسوب إلى جمال الدين بن هشام من علمائها، استوفى فيه أحكام الإعراب مجملة ومفصلة، وتكلم على الحروف والمفردات والجمل، وحذف ما في الصناعة من المتكرر في أكثر أبوابها، وسمَّاه بالمغني في الإعراب. وأشار إلى نكت إعراب القرآن كلها وضبطها بأبواب وفصول وقواعد انتظمت سائرها، فوقفنا منه على علم جم يشهد بعلو قدره في هذه الصناعة ووفور بضاعته منها". أقول إذا قيس نهج ابن هشام في ترتيب الكلام على الأدوات إلى ما عرف في عصره من ذلك عُدّ ذلك نهجاً فريداً. لكنه لو قرن منها ما تشابه في الدلالة والعمل بدل أن يضم ما تدانى أوائله منها في اللفظ لكان ذلك أولى بعصرنا.

كان ابن هشام عالماً في النحو واللغة والأدب، كما كان عالماً في الفقه، ولم يعرف أنه مال في النحو إلى مذهب خاص، فقد أخذ بالقياس والعلة النحوية وكان يختار في كل مسألة ما رجح لديه فيها. ولم يخضع النحو لأصول الفقه كما اعتاد بعض النحويين في عصره. ولم يلزم الإجماع النحوي كما فعل الفقهاء في أصولهم، وتمسك به المتأخرون من النحاة كالسيوطي وأبي البقاء العكبري. وله جملة من الكتب منها الاعراب عن قواعد الأعراب وشذور الذهب وشرحه وقطر الندى وشرحه ...

السيوطي:

<<  <   >  >>