للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول عمد بعض الأئمة إلى بيان الفارق المعنوي بين (المفاعلة) و (التفاعل) إذا كانا للمشاركة فقال: "وقد يقال في الفرق المعنوي أن المبادئ بالفعل أو الغالب فيه معلوم في المفاعلة بخلاف التفاعل، فإن المبادئ فيه أو الغالب غير معلوم" هذا ما جاء في شرح البناء للإمام محمد الكفوي. أي أنك إذا قلت قاتل خالد زيداً فقد أردت أن تخبر بأن البادئ في القتال هو خالد، ولو اشترك فيه زيد وعلى هذا أردت أن تخبر بأن البادئ في القتال هو خالد، ولو اشترك فيه زيد وعلى هذا قوله تعالى: "فإن قاتلوكم فاقتلوهم- البقرة/١٩١" فقوله فإن قاتلوكم معناه إذا بادروا إلى قتالكم فاقتلوهم. وعليه قوله ?: (أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها..". أما إذا قلت تقاتل خالد وزيد فليس في قولك ما يشير إلى البادئ فيه، وعلى هذا قوله تعالى: "فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه –القصص/١٥" إذ ليس في قوله يقتتلان ما يشير إلى البادئ بالقتال، ويقتتلان في هذا كيتقاتلان. ونحو ذلك قول الرشيد للكسائي: "إن أعز الناس من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين".

وقد يُعترض على هذا بقول الحسن بن علي رضي الله عنهما لبعض من خاصمه: "سفيه لم يجد مسافهاً" إذ ليس المسافه فيه، لو وجد، هو السابق والبادي وهو ما احتج به الإمام الرضيّ في شرح الشافية لرد قول القائل إن المفاعل بكسر العين هو الغالب أو البادئ دون المفاعل بفتح العين. وعندي أن قول الحسن رضي الله عنه لا يسقط الأصل ولا يلغيه، لأن في كلامه قرينة تدل على أن المسافه بكسر الفاء ليس هو البادئ بالسفه، حين قال "سفيه لم يجد مسافهاً" أي سفيه لم يجد من يقابل سفهه بمثله فيشاركه فيه.

<<  <   >  >>