ولكن إذا عدمت القرينة في الكلام كان الأصل أن يكون المخاصم بكسر الصاد هو البادئ أو هو الموصوف بالخصام أولاً والمقصود به، دون المخاصَم بفتح الصاد، فإذا قلت قاتل خالد صالحاً أشرت إلى أن البادئ هو خالد، بدليل أن لمخاطبك أن يجيب بل قاتل صالح خالداً، خلافاً لقولك (تخاصم خالد وزيد) فليس فيه ما يشير إلى البادئ والموصوف بالخصام أولاً، أو المقصود به. فإذا قلت (تخاصم خالد مع زيد) ولم تزد، فهم بقولك هذا أن خالداً هو البادئ بالخصام، وهو المقصود بالحديث أيضاً، ولو تعلق الخصام بسواه. وليس هذا بدعاً في قياس العربية، فالمخاصم، بكسر الصاد، في المخاصمة هو العمدة أما المخاصم بفتحها فهو الفضلة. أما في التخاصم فكل منهما متخاصم بكسر الصاد وهو عمدة كما هو واضح في قولك (تخاصم خالد وزيد) على الأصل.
وقد يضطر المتخصصون كالكيميائيين مثلاً أن يقولوا "يتحد الكبريت مع مادة كذا وكذا" ليعربوا عن أن أحاديثهم إنما هي في الأصل عن الكبريت فهو موضوع بحثهم دون المواد الأخرى. والكبريت في قولهم (يتحد الكبريت مع..) هو المرفوع وهو العمدة دون سواه. وليس يغنيهم إذا أرادوا هذا المعنى، أن يقولوا "يتحد الكبريت ومادة كذا وكذا" إذ ليس معناه بالضرورة أن المقصود بالكلام أولاً هو الكبريت، فليس الكبريت في قولهم (يتحد الكبريت و..) هو العمدة وحده وإن تقدم، وإنما هو وما عطف عليه في ذلك سواء، فالعطف هنا لا يبين عن مراد المتكلم صراحة خلافاً لأداة المصاحبة فإنها تبين عنه وتكشف عن غرضه.