للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد أخذ المخزومي على النحاة أنه قد فاتهم الكشف عن الفرق بين طبيعتين مختلفتين، فقال: "فإن تقسيمهم الجمل إلى اسمية وفعلية مبني على أساس لفظي محض، لم يلحظوا فيه الفرق بين طبيعتين مختلفيتن، فضيقوا مجال الجملة الفعلية حتى قصروها على ما تقدم فيه الفعل، ووسَّعوا مجال الاسمية حتى أدخلوا فيها ما ليس منها، من جمل فعلية تقدم فيها الفاعل على الفعل.."، وأردف: "ولو كان تحديدهم الاسمية والفعلية قائماً على أساس من ملاحظة واعية للفرق بين طبيعتي الجملتين، لكان عملهم أجدي، ولكفَوْا أنفسهم والدارسين والنصوص المدروسة، عناء ما تكلَّفوه من تأويل وتخريج /٢١٨".

الرأي في ما جاء به المخزومي:

أقول الجواب عما جاء به المخزومي إنما يتناول جهتين:

الأولى: أن قوله (طلع البدر) و (البدر طلع) جملتان متشابهتان من حيث الإسناد ولذا كانتا فعليتين، قوله هذا لا أظنه صحيحاً، وسنبين في ما بعد دلالة كل من الجملتين، حين الموازنة بينهما، وأن النحاة على حق في الفصل بين الجملتين. وقد فات المخزومي الصواب كذلك حين قال: "أما الجملة الاسمية فهي التي فيها المسند على الدوام.. وبعبارة أوضح: هي التي يكون فيها المسند اسماً، على ما بينه الجرجاني، في ما اقتبسنا من كلامه ها هنا" فالجرجاني لم يقصر الجملة الاسمية على الجملة التي جاء مسندها "اسماً، في ما اقتبسه المخزومي من كلامه، وكل ما أشار إليه في مثاله هو ثبوت الانطلاق لزيد في قولك:

زيد منطلق، وتجدده في قولك: هو ذا ينطلق، لا أكثر من ذلك ولا أقل!

الثانية: إن في وصف الفعل بالتجدد ونسبة ذلك إلى الجرجاني نظراً، ذلك أن التجدد الذي عناه الجرجاني، كما سنبسط القول فيه، مقصور على المضارع، على حين جاءت أمثلة المخزومي على الفعل الماضي!

مقالة الجرجاني في تجدد الفعل واستمرار اسم الفاعل:

<<  <   >  >>