للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذكر الجرجاني في كتابه (دلائل الإعجاز /١١٥) أن الاسم الذي أسند إلى (زيد) في قولك (زيد منطلق) يثبت معنى الانطلاق لزيد، دون أن يقتضي تجدده، وأن الفعل الذي أسند إلى (زيد) في قولك (زيد ينطلق) يثبت به الانطلاق الذي يتجدد فيقع من (زيد) شيئاً بعد شيء. وأكد في موضع آخر (ص /١١٧) أن لكل من الاسم والفعل المسندين في هذه الجملة الاسمية دلالة تغاير دلالة الآخر، فقال: "ولا ينبغي أن يغرّك إذ تكلمنا في مسائل المبتدأ والخبر أننا قدرنا الفعل في هذا النحو تقدير الاسم، كما نقول في زيد يقوم أنه في موضع زيد قائم، فإن ذلك لا يقتضي أن يستوي المعنى فيه استواء لا يكون من بعده افتراق، فإنهما لو استويا هذا الاستواء لم يكن أحدهما فعلاً والآخر اسماً، بل كان ينبغي أن يكونا فعلين أو يكونا اسمين"، فما الذي قصد إليه الجرجاني بقوله: الفعل الذي يثبت به المعنى المتجدد، والاسم الذي يثبت به المعنى غير المتجدد؟

أقول صواب المسألة عندي أن الفعل الذي قرن بالتجدد، في مقالة الجرجاني، هو الفعل المضارع خاصة، وأن الاسم الذي وصف بعدم التجدد هو اسم الفاعل، المعدّ للعمل، الجاري على معنى الفعل ولفظه، واسم الفاعل لا يُعد للعمل ما لم يكن للحال أو الاستقبال، دون الماضي، وما لم يكن معتمداً على نفي أو استفهام أو مبتدأ صريح أو منويّ، أو موصوف، أو ذي حال.

<<  <   >  >>