للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن شواهد الجرجاني في هذا الباب، قوله تعالى ?هل من خالق غير الله يرزقكم –فاطر /٣" فقد ذهب الجرجاني أن الفعل قد أتى بصيغة المضارع لأن الرزق يتجدد ساعة بعد ساعة ولو قيل (هل خالق غير الله رازق لكم بصيغة اسم الفاعل لكان المعنى غير ما أريد (ص /١٣٦) .

وهكذا قول الجرجاني (زيد منطلق) فإنه لا يعني عنده غير إثبات الانطلاق لزيد أما (زيد ينطلق) فقد قال فيها: "فإذا قلته، أي زيد ينطلق، فقد زعمت أن الانطلاق يقع منه جزءاً جزءاً وجعلته يزاوله ويُزجيه..".

ويتبين بما قدمنا أن الجرجاني قد رأى التجدد في صيغة المضارع دون سواها، وقد استنَّ بسنته في وصف الفعل بالتجدد الدكتور المخزومي في ما اقتبسه عنه، لكنه لم يقصر التجدد على المضارع منه، فقال: "ان الجملة الفعلية هي التي يدل فيها المسند على التجدد.. وبعبارة أوضح هي التي يكون فيها المسند فعلاً لأن الدلالة على التجدد إنما تستمد من الأفعال وحدها /٢٤١". ثم استشهد في إثبات مقالة التجدد هذه بمثال جاء به على صيغة الماضي فقال: "ومعنى هذا أن كلاً من قولنا طلع البدر والبدر طلع جملة فعلية.."، ففاته بذلك فهم مذهب الجرجاني في التجدد، وفي دعواه أن البدر طلع) جملة فعلية.

وانظر بعد إلى ما جاء في (الكليّات) لأبي البقاء الكفوي. قال أبو البقاء: "اشتهر عند أهل البيان أن الاسم يدل على الثبوت والاستمرار، والفعل يدل على التجدد والحدوث –٥ /١٨٢"، فأشار إلى نحو مما خلص إليه الجرجاني، في هذا الباب، ولم يشر إلى ما يريده بالفعل صراحة. لكنه بحث هذا في موضع آخر فقال: "الجملة الاسمية إذاً كان خبرها اسماً فقد يقصد بها الدوام والاستمرار الثبوتي بمعونة القرائن وأردف: "وإذا كان خبرها مضارعاً فقد يفيد استمراراً تجددياً –٥ /١٧٤"، فكشف عن أن ما يريده بالفعل هو المضارع.

<<  <   >  >>