للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومما قاله الجرجاني مثلاً في الفرق بين أن يكون المسند في الجملة الاسمية اسماً لا تجدد فيه، أو فعلاً متجدد الحدث، فقال في كلامه على (فروق الخبر) : "ان موضوع الاسم على أن يثبت به المعنى للشيء، من غير أن يقتضي تجدده شيئاً بعد شيء. أما الفعل فموضوعه على أن يقتضي تجدد المعنى المثبت به شيئاً بعد الشيء، فإذا قلت: زيد منطلق فقد أثبتَّ الانطلاق فعلاً له من غير أن تجعله يتجدد ويحدث منه شيئاً فشيئاً، بل يكون المعنى فيه كالمعنى في قولك زيد طويل وعمر قصير. وكما لا يقصد ها هنا إلى أن تجعل الطول أو القصر يتجدد ويحدث كما توجبهما وتثبتهما فقط، وتقضي بوجودهما على الإطلاق، كذلك لا تتعرض في قولك: زيد منطلق لأكثر من إثباته لزيد. وأما الفعل فإنه يقصد منه إلى ذلك.. فإذا قلت زيد هو ذا ينطلق فقد زعمت أن الانطلاق يقع منه جزءاً فجزءاً، وجعلته يزاوله ويزجيه.. –١٣٣ /١٣٤". فقد جاءت مقالة الجرجاني هذه للتمييز بين كون الخبر اسماً يثبت به المعنى للمبتدأ دون تجدد، أو فعلاً يثبت به وقوع الحدث منه في تجدد. والذي أفاده المخزومي من هذا أنه اتخذ الفرق بين الخبرين حداً يميز به الجملة الاسمية من الفعلية، وذلك ما لم يخطر للجرجاني على بال أو يجري له في حساب، عدا ما غاب عن المخزومي من أن الذي عناه الجرجاني بالفعل، هو المضارع دون سواه.

وقد أفاد السامرائي نفسه من مقالة الجرجاني هذه، فحكاها عنه في كتابه (الفعل زمانه وأبنيته /٢٠٢) ، وعقَّب عليها فقال: "وعلى هذا فالجملة الاسمية ما دلَّ فيها المسند على الدوام والثبوت"، وأردف: "ومقالة الجرجاني هذه في التمييز بين الفعل والاسم ينبني عليها التمييز بين الجملة الفعلية والجملة الاسمية".

<<  <   >  >>