للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهكذا فات السامرائي في استنباطه هذا ما فات المخزومي من مقالة الجرجاني. إذ كان فعلاً غرض الجرجاني من مقالته هذه بيان الفرق في الإسناد بين أن يكون الخبر اسم فاعل أو فعلاً مضارعاً (أي جملة فعلية فعلها مضارع) في جملة اسمية لم يتغير مبتدؤها، ويؤيد ذلك قول الجرجاني بعد هذا: "ولا ينبغي أن يغرك، إذا تكلمنا في مسائل المبتدأ والخبر، أنا قدرنا الفعل في هذا النحو تقدير الاسم، كما تقول في زيد يقوم أنه في موضع زيد قائم.."، فدلَّ هذا أن كلاً من الجملتين (زيد يقوم) و (زيد قائم) تتألف من مبتدأ وخبر، فهما إذن جملتان اسميتان.

السامرائي وموضوع النحو:

نهج السامرائي، كما ذكرنا، نهج الجواري والمخزومي في التسوية به قولك (قام الرجل) و (الرجل قام) ، فنفد على الشيخ الجارم مذهبه في اتخاذ مذهب النحاة في التمييز بين الجملتين الفعلية والاسمية، وكشف عما يعنيه تقديم الفعل في الأولى وتأخيرها في الثانية، على ما انتحاه الجرجاني في (الدلائل) ، قال السامرائي: "وهذه المسألة البلاغية لا يمكن أن تكون مادة في البحث النحوي، والشيخ الجارم يجد في دلائل الإعجاز للجرجاني ما أعانه على إثبات ما أثبته. وهو في ذلك كالأستاذ المخزومي في التماس مادته من المصدر نفسه /٢٠٦".

ثم أوضح رأيه فقال: "وعلى هذا فإن هذا المنحى ليس منهجاً نحوياً ولا يقرب منه، في أي وجه من الوجوه /٢٠٨"، وخلص إلى القول: "ولقد بحث علماء المعاني في الجملة العربية بحثاً خاصاً بهم، ذلك لأن ما خاضوا فيه ليس من مادة النحو الذي يقتصر على أجزاء الجملة وعلاقات هذه الأجزاء ببعضها ووصفها كما تبدو في بناء الجملة /٢١٢".

<<  <   >  >>