للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهكذا سلك السامرائي في معالجة المسألة مسلكاً لا يتناول فيه حقيقة ما ذهب إليه الجرجاني وتابعه فيه الجارم، في التفريق بين الجملتين، أهو حقيقة علمية راهنة يدعمها البحث وتؤيدها الأدلة الواضحة، والبيِّنات المسلَّمة وعلم اللغة الحديث، فلا بد من الأخذ بها، أم هو شيء لا يتصل بهذا كله فلا بد من معارضته واستبعاده، وإنما يأبى الخوض في ذلك لأن المسألة مسألة بلاغية، لا يمكن أن تكون مادة البحث النحوي، وأن تحريرها يستلزم العدول إلى منحى ليس هو منهجاً نحوياً ولا يقرب منه، في أي وجه من الوجوه.

أقول يمن الإجابة عما ذهب إليه السامرائي من جهتين

الأولى: أن ما يجب الفحص عنه هنا، هو حقيقة الحد الذي اقتاس به الباحثان الجرجاني والجارم، سواء أكان البحث فيه من شأن البلاغة أم من شأن النحو. فإذا صحَّ أن لكل من الجملتين شأناً في التعبير لا تؤديه الأخرى، فالجملتان متغايرتان، وإن اشترط النحاة في الفاعل أن يتقدم عليه فعله ليتميز بذلك من المبتدأ الذي تبدأ به الجملة الاسمية، أمر يقتضيه الفعل بين شأنيهما، وأي غرابة في أن تتغير معاني التركيب بتغير مواضع عناصره؟

<<  <   >  >>