للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثال ذلك مجيء السماع بجمع المصيبة على المصائب والقياس المصيبات، فقد كان ذلك لعلة رعوها. ذلك أنهم أنزلوا (المصيبة) وهي صفة في الأصل منزلة الأسماء، فحملهم ذلك أن يجمعوها جمع الأسماء على (مصائب) . وهكذا جاء السماع بجمع (المسن) على صيغة اسم الفاعل، من الآدميين أو غيرهم، على (المسان) بفتح الميم وتشديد النون. وذلك لعلة موجبة، فقد اشتهر استعمال (المُسِن) منقطعاً عن موصوفه فأنزل منزلة الأسماء فكان من شأن ذلك تكسيره تكسيرها. ونحو ذلك جمعهم مخزية على مخاز ومدينة على مداين ومدائن ومطيحة على مطاوح والمصحف على المصاحف والموسى على المواسي.

وهكذا (الخضراء) فهي في الأصل صفة للبقلة لكنها استعملت استعمال الأسماء، فقيل (ليس في الخضراوات صدقة) أي في البقول فجمعت جمع الأسماء دون الصفات. وكذلك القول في (نكباء ونكباوات) وهي الريح التي تنكبت عن الرياح الأربع، وفي (دكاء ودكاوات) للأرض إذا انبسطت فأشبهت الرابية.

والقياس في استفعل) إذا اعتلت عينه أن يُعل أي يقلب حرف علته (واواً أو ياء) ألفاً. نقول استجاب واستمات واستكان، وشذ قولهم: (استجوب) لأنهم أرادوا أن ينبهوا على اشتقاقه من (الجواب) كما اشتق (استتيس واستفيل) من التيس والفيل. وقالوا: (أغيم) من الغيم و (أعوه) من العاهة.

وقالوا في (مفعلة) المشتقة من الاسم: شراب مطيبة بفتح الياء ودواء مبولة بفتح الواو، أي يدعو إلى الطيب والبول، وأرض مفيأة ومثورة يكثر بها الثور والفيء. ولو اشتقت (مفعلة) من الفعل لجاءت بالإعلال أي قلب حرف علتها (الواو أو الياء) ألفاً كالمقالة والمقامة والمنامة والمنارة والمثابة، وهو الأصل والقياس، ذلك فرقاً بين مفعلة الاسمية ومفعلة الفعلية.

<<  <   >  >>