للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا ما قضى به النحاة. ولكن ما علة ذلك؟ أقول علة ذلك أنك إذا قلت (زيد حسن الوجه) بإضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها مثلاً، فكأنك قلت (زيد حسن وجهه) برفع (وجهه) ، ولا بد من تلازم الوصف وفاعله في القولين وتكاملهما وعدم انفكاك أحدهما عن الآخر، كما هو شأن الفعل وفاعله، فأي تعريف يمكن أن يفيده الوصف بإضافته إلى ما هو كالجزء منه والإضافة إنما تكون بين متغايرين، كما يقول النحاة. وقد أشار النحاة إلى تعلق الفعل بفاعله فقالوا: "تعلق الفعل بفاعله أشد من تعلق المبتدأ بخبره، لأن الفاعل بمنزلة الجزء من الفعل" جاء ذلك في (الأشباه والنظائر-١/٥٦٦) للإمام السيوطي. كما قالوا: "الفاعل لا يتقدم على فعله لأنه كالجزء منه" وأردفوا "الصفة لا تتقدم على الموصوف لأنها من حيث أنها مكملة له ومتممة، أشبهت الجزء منه –المصدر- ١/٥٩٣".

ويجري خلاف ذلك إذا أضفت الوصف إلى مفعوله، لأن المفعول ليس جزءاً من الوصف وهذا شأن الفعل ومفعوله فهما لا يتلازمان ولا يتكاملان. فقد يكون الفعل لازماً لا مفعول له، وقد يكون متعدياً ويستغنى عن مفعوله. فالوصف قد يفيد تعريفاً إذا ما أضيف إلى مفعوله. والذي يضاف إلى مفعوله من الوصف هو اسم الفاعل أو المفعول من الفعل المتعدي دون الصفة المشبهة، وهما يفيدان من هذه الإضافة تعريفاً إذا دلاَّ على الاستمرار. أما الصفة المشبهة فإذا نصبت نصبت لفظاً لا معنى وقد أسموا منصوبها الشبيه بالمفعول، فقد قالوا (الحسن الوجه) تشبيهاً له بـ (الضارب الرجل) بالنصب فيهما.

وانظر إلى ما جاء في (إملاء ما منَّ به الرحمن من وجوه الإعراب) للعكبري في إعراب قوله تعالى: ?حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم. غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب- غافر ١/٢?.

<<  <   >  >>