للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال العكبري: "غافر الذنب وقابل التوب، كلتاهما صفة لما قبله، والإضافة محضة" أي صفة لاسم الجلالة. وقد أشار بقوله هذا إلى أن اسم الفاعل (غافر وقابل) المضافين إلى مفعولهما قد تعرَّفا بالإضافة، فإضافتهما محضة أي معنوية تفيد التعريف، لدلالتهما على الاستمرار. وأردف: "وأما شديد العقاب فنكرة، لأن التقدير: شديد عقابه" أي أن إضافة الصفة المشبهة (شديد) إضافة لفظية لا تفيد التعريف لأنها مضافة أبداً إلى فاعلها. ثم قال: "ويجوز أن يكون شديد بمعنى مشدّد فتكون الإضافة محضة فيتعرف فيكون وصفاً أيضاً". أي إذا كان (شديد) صفة مشبهة فلا سبيل إلى أن يكون صفة لاسم الجلالة، بل يكون بدلاً لجواز أن يكون البدل نكرة والمبدل منه معرفة.

أما إذا كان (شديد) على فعيل بمعنى مُفعِّل بكسر العين المشددة أي بمعنى (مُشدِّد) اسم الفاعل، أمكن أن تكون إضافته إلى مفعوله (العقاب) إضافة محضة فيتعرَّف ويكون صفة لاسم الجلالة، ما دام يدل على الاستمرار.

وإذا كانت الصفة المشبهة في قولك (زيد حسن الوجه) بإضافة الصفة منكرة لإضافتها إلى فاعلها، وكانت الصفة المشبهة في قولك (زيد الحسن الوجه) بإضافة الصفة أيضاً معرفة، فإن تعريفها قد كان باللام دون الإضافة، فالصفة المشبهة لا تتعرَّف بالإضافة مطلقاً.

٥-الصفة المشبهة في كلام الفصحاء:

قضى النحاة بأن تعريف الصفة المشبهة المضافة إنما يكون باللام دون الإضافة لأن الإضافة لا تفيدها تعريفاً. وذهب مجمع اللغة العربية القاهري في مؤتمره إلى جواز تعريف الصفة المشبهة بالإضافة وحدها خلافاً للنحاة، فأين يقع كلام الفصحاء من الرأيين، وهل جاء في مأثورهم من النثر أو الشعر ما يؤيد رأي المجمع القاهري دون النحاة، فكانت الصفة المشبهة فيه معرَّفة بالإضافة!

<<  <   >  >>