للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والوارث قد يأتي صفة عامة فيدل على الحدوث ويعتمد على موصوف مذكور أو مقدر، لكنه يأتي، في الغالب، منفرداً بخصوص، فيستعمل منقطعاً عن موصوفه مستغنياً عنه، فيدل حينئذ على الثبوت. فأنت إذا قلت (خالد وارث أبيه) فقد عنيت أنه مستحق لهذه الوراثة. وأنت تقول رأيت وارث فلان أو ورثته، كما تقول رأيت زوجته وزوجاته، فلا يلزمك ذكر موصوفه لفظاً أو تقديراً. ولما جاء من الصفات على هذا الوجه حكم، في الجمع، غير حكم الصفات العامة الدالة على الحدوث.

والقاعدة إذا جاء الوصف عاماً على زنة (فاعل) ودل على الحدوث، كما هو الأصل واعتمد على موصوف مذكور أو مقدر، كان لا مناص من جمعه جمع تصحيح، وهو القياس فيه. فإذا انفرد بخصوص فاشتهر استعماله منقطعاً عن موصوفه مستغنياً عنه، صح فيه التكسير، إلى جانب التصحيح. فقد جاء (الوارث) دالاً على الثبوت وجمع جمع تصحيح، كما في قوله تعالى: ?ونحن الوارثون-الحجر/ ٢٣?. قال الأصبهاني صاحب المفردات: "وصف الله تعالى نفسه بأنه الوارث، من حيث أن الأشياء كلها صائرة إلى الله تعالى. قال الله تعالى: ?ولله ميراث السموات- آل عمران/ ١٨٠? وقال: ونحن الوارثون..". ولا ننسَ أن (الوارث) اسم من أسماء الله الحسنى.

وكما يجمع (الوارث) جمع تصحيح كذلك يجمع جمع تكسير. ففي الحديث "العلماء ورثة الأنبياء". فأنت تقول هؤلاء ورثة الأنبياء كما تقول هؤلاء حملة الأقلام وقادة الفكر، وكلها صفات على الثبوت.

وقد جاء في الأشباه والنظائر للإمام السيوطي (٢/ ١٢٧) : "قال في البسيط: كل صفة كثر ذكر موصوفها معها ضعف تكسيرها لقوة شبهها بالفعل. وكل صفة كثر استعمالها من غير موصوفها قوي تكسيرها، لالتحاقها بالأسماء كعيد وشيخ وكهل وضعيف"، وجاء في الكليات لأبي البقاء الحسيني الكفوي مثل ذلك (ص٢٢٠) .

<<  <   >  >>