وإذا تدبرنا الأمر وجدنا أنه كلما عُدّي (عاضه) بمن كان بمعنى (أبدله) وكان (العوض) بكسر ففتح، وهو الاسم، بمعنى (البدل) . والغالب فيما جاء من (عاضه منه) أن يشار فيه إلى أن العوض بمعنى البدل. قال الإمام عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني في كتابه (الألفاظ الكتابية) : "اعتاض هذا الأمر من ذاك اعتياضاً وأعاضه فلان وعوّضه عِوَضاً، وخذ هذا عوضاً من ذاك" وأردف "والعوض.. والبدل والبديل واحد".
على أن للعوض معنى آخر، يفارق به البدل، فقد ذكر ابن جني في الخصائص (١/٢٦٥) :
أن جماع ما في الأمر أن البدل أشبه بالمبدل منه، من العوض بالمعوض منه. فالبدل يقع في موضع المبدل منه، ولا يلزم من العوض ذلك. فالعوض لا يحل محل المعوض منه أما البدل فيحل محل المبدل منه فلا يجتمعان. وهكذا لا يشترط في (العوض) إلا أن ينوب عن (المعوض عنه) ولا يشترط أن يشابهه أو يحل محله. وبهذا المعنى أمكن أن تقول (هذا عوض عن هذا) أي ينوب منابه ويجزي عنه، أي يقضي، ومن ذلك قوله تعالى: ?ولا تجزي نفس عن نفس شيئاً –البقرة/ ٤٧"، وبذلك يتجلى معنى (عن) . قال أبو البقاء الكفوي في الكليات: "والبدل لا يكون إلا في موضع المبدل منه، والعوض لا يكون في موضع المعوض عنه –١/٣٩٩" فعدّى (عوض) بعن ليشير به إلى المعنى الذي يفارق به (بدّل) أو (أبدل)