وقد تعمل (أمّا) لما فيها من معنى الفعل، ولكن ليس في اسم ظاهر، بل في ظرف، تقول:(أما اليومَ فإني ذاهب) أو جار ومجرور، تقول:(وأما في الدار فإن زيداً جالس) ولا يعمل ما بعد (فإن) فيما قبلها. وقد تعمل في الحال المفرد إذا كان منكراً كما تعمل في الجملة الحالية. ومثال الحال المفرد قولك (خالد أديب حقاً، فأما شاعراً فهو خبير بقرض الشعر يتدفق عن سجية وطبع، وأما كاتباً فهو حسن الترسل بليغ العبارة) . وأما مثال الجملة الحالية فما ذكرناه قبل من قول الجاحظ:"فأمّا، والأمر كما وصفنا وبينا، فما الطاعن على عثمان إلا رجل أخطأ الحق وعجَّل على صاحبه- حجج النبوة من رسائل الجاحظ- للسندوبي/١٢٢".
٦-إمّا:
إمّا بكسر الهمزة وتشديد الميم حرف تخيير أو شك أو تفصيل، ويلزمه التكرير. تقول:(اِِضربْ إما زيداً وإما عمراً) كما تقول: (اضرب زيداً أو عمراً) ، وإنما كررت (إما) في القول الأول بدلاً من (أو) في القول الثاني لأنك إذا قلت: (اضرب زيداً أو عمراً) فقد ابتدأت بذكر (زيد) وليس عند السامع أنك تريد غيره ثم جئت بالتخيير. أما إذا قلت (اضرب إما زيداً وإما عمراً) فقد وضعت كلامك ابتداءً على التخيير. وفي الإعراب تقول:(إما) حرف تخيير و (زيداً) مفعول به. والواو حرف زائد و (إما) الثانية حرف عطف. ومنهم من ذهب إلى أن (وأما) جميعاً حرف عطف.
وتقول في معنى الشك:(لقيت إما زيداً وإما عمراً) ..
وجاء في معنى التفصيل قوله تعالى:"إنّا هديناه السبيلَ إمّا شاكراً وإمّا كفوراً- الدهر/٣".
وفي كلام الكتَّاب قولهم:(اضرب إمّا هذا أو هذا) بإحلال (أو) محل (وإما) وهذا صحيح.. فقد جاء في التنزيل: (وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين –سبأ/٢٤" وقد قرئ أيضاً (إمّا على هدى أو في ضلال مبين) . قال الإمام المرادي في كتابه (الجنى الدالي) : "قد يستغنى عن إمّا الثانية بأو كقراءة من قرأ وإنّا وإيّاكم إمّا على هدى أو في ضلال مبين" وقال الشاعر: