وقد يستغنى عن (إما) الثانية بذكر ما ينوب عنها، تقول:(إما أن تكلم بخير وإلا فاسكت) . وقد أورد ابن هشام في كتابه (المغني) شاهداً على ذلك قول الشاعر:
فأعرفَ منك غثي من سميني
فإما أن تكون أخي بصدقٍ
عدواً أتقيك وتتقيني
وإلاَّ فاطرحني واتخذني
فالغث في الأصل هو المهزول وهو هنا الرديء، والسمين في الأصل خلاف المهزول وهو هنا الجيِّد. و (إلاّ) هنا نائبة مناب (إمّا) .
وثمة (إما) من غير هذا الباب، وهي التي تكون شرطية كقوله تعالى:"فإما تَريِنَّ من البشر أحداً فقولي إنّي نذرتُ للرحمن صوماً.. الآية –مريم/١٦". فإما هنا أدغمت فيها نون –إنْ- الشرطية في –ما- الزائدة للتوكيد، فالأصل (إن، ما) . و (تَريِنَّ) فعل الشرط، وقد لحقت به نون التوكيد. أما قوله (فقولي) فهو جواب الشرط. وكذلك قوله تعالى:"إمّا يبلغنَّ عندك الكبرَ أحدُهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً –الإسراء/٢٣". فأمّا هنا ركَّبت من (إن) الشرطية وقد زيدت عليها (ما) تأكيداً، ولذا صحّ لحوق النون المؤكدة لفعل الشرط الذي هو (يبلغنّ) ، وأحدهما فاعل –يبلغن- وجزاء الشرط (فلا تقل) .
٧-إن:
الأكثر في (إِن) بكسر الهمزة وسكون النون أن تكون شرطية نحو قولك: (اِن تجتهدْ تنجحْ) ، أو نافية نحو قولك:(إن أردت إلاَّ نصحك) أي ما أردت غير نصحك. ولكنها قد تأتي زائدة كقول القائل:(ما إن ندمت على سكوتي مرَّة) ، وقد زيدت في هذا المثال بعد (ما) النافية، وكذلك قول الشاعر:
إذن فلا رفعتْ سوطي إليَّ يدي
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه
والمعنى: ما أتيت بشيء أنت تكرهه.
والكتَّاب إذا أتوا بأن الزائدة هذه بعد ما النافية، فتحوا همزة (إن) فقالوا: (ما أن جاء خالد حتى بدأ يتكلم ... ) ، ولا وجه له، والصواب (ما إن جاء خالد حتى بدأ يتكلم) بكسر همزة إن.