ولكن هل تزاد (إن) المكسورة الهمزة بعد (ما) إذا لم تكن هذه نافية؟ أقول تزاد (إن) بعد (ما) المصدرية، وشاهده في كتب النحاة قول القريعي:
على السنّ خيراً لا يزال يزيد
ورَجِّ الفتى للخير ما إن رأيته
و (رجِّ) فعل أمر، والفتى مفعول، و (ما) مصدرية زمنية. والمعنى، توقَّع الخير من الفتى ما دمت ترى الخير منه يزيد بتقدّم سنْه.
أما (إن) المفتوحة الهمزة الساكنة النون فقد تزاد ولكن بعد (لمّا) الحينية غالباً كقوله تعالى: "ولما أنْ جاءت رُسُلنا لوطاً سيء بهم.. هود/٧٧".
وزيادة (أن) بالكسر، و (أن) بالفتح لا يعني أن حذفهما وذكرهما سواء، فزيادتهما إنما تفيد التوكيد.
٨-أن المصدرية وحذفها:
أن المصدرية إما أن تذكر فتنصب المضارع في مثل قولك: (لابد أن تعمل لتضمن النجاح) .
وإما أن تضمر فتنصب المضارع في مواضع قياسية، أي كون إضمارها مع استمرار نصبها قياساً، وذلك:
بعد لام التعليل كقولك جئت لألهوَ.
وبعد لام الصيرورة كقوله تعالى: "فالتقطه آلُ فرعون ليكونَ لهم عدوّاً وحَزَناً- القصص/٨".
وبعد حروف العطف: الواو والفاء وثم وأو، كقولك: يأبى الشجاع الفرار ويسلمَ، ويأبى الشجاع الفرار فيسلمَ، ويأبى الشجاع الفرار ثم يسلمَ، بنصب (يسلم) ، فيها جميعاً. وقولك: يطلب الشجاع النصر أو يموتَ، بنصب يموت.
وقد تحذف (أن) المصدرية هذه فتقول (يريد المعلّم يحذر تلاميذه عاقبة الكسل) والأصل (يريد أن يحذّر) ، ويسأل الكتاب، أينصب الفعل هنا وقد حذفت قبله (أن) أم يرفع؟ أقول المشهور رفع المضارع كما ذهب إليه البصريون وعلى رأسهم سيبويه، قال الشاعر:
وأن أشهد اللذات هل أنت مُخلدي
ألا أيّهذا اللائمي أحضر الوغى
والمعنى يا من تلومني في حضوري الوغى لأشهد اللذات، هل تكفل لي الخلود إذا كففت عن الحرب؟