فإذا قلت (مررت بخالد) فخالد ليس مفعولاً به، لأنه ليس محلاً للحدث إذ لم يتجاوز فيه الفعل فاعله إلى غيره، فلا مساغ للتعبير عنه باسم مفعول غير مقيد. فأنت لا تقول في وصفه (خالد ممرور) وإنما تقول (خالد ممرور به) فتصفه باسم مفعول مقيد بجار. فـ (مرَّ) فعل لازم لأن الحدث فيه لم يتجاوز فاعله، وإنما يتوصل إلى صلته بحرف الجر.
وإذا كنت قد استدللت بقولك (الطعام مأكول) بأن (أكل) فعل متعد، فقد استدللت بامتناع قولك (خالد ممرور) بأن (مَرَّ) فعل غير متعد. على أن هناك أفعالاً لازمة غير متعدية قد حذف الجار من صلتها فباشرت ما حقه أن يكون مجروراً ونصبته على الاتساع، فيما أسموه (الحذف والإيصال) فما القول في منصوبها هذا؟ إنه ليس مفعولاً به لأن الفعل لم يتجاوز به فاعله ليقع عليه في الأصل. فإذا حذف فيه الجار اتساعاً فهو على تقدير وجوده، لأن المعنى عليه، كما يقول ابن يعيش في شرح المفصَّل. فهو منصوب ولكنه على نية الجر، وقد سمّاه الأستاذ جواد المفعول به اللفظي. فالمفعول به اللفظي عنده، هو الاسم الذي يباشره الفعل اللازم دون أن يقع عليه فعل الفاعل، بحذف الجار منه اتساعاً.
فإذا قلت (جئت فلاناً) ففلان عند الأستاذ، مفعول به لفظي لأن الفعل قد باشره دون أن يقع عليه حدثه، بعد أن حذف الجار منه، على الاتساع. وقد يكون للفعل مفعول به على الأصل يباشره ويقع عليه فعله، إلى جانب ما أسماه الأستاذ بالمفعول به اللفظي كقولك (كلتك الطعام) على نية الجر، فهو المفعول به اللفظي، لأن الكلام على تقدير (كلت لك الطعام) .