للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن جني في الخصائص (١/٥٢٥-ط/١٩١٣) وقد أسمى الاشتقاق الصغير بالأصغر، والكبير بالأكبر: (هذا موضع لم يسمِّه أحد من أصحابنا. غير أن أبا علي، رحمه الله، كان يستعين به ويخلد إليه، مع إعواز الاشتقاق الأصغر – أي الصغير. لكنه مع هذا لم يسمه، وإنما كان يعتاده عند الضرورة ويستروح إليه ويتعلل به. وإنما هذا التلقيب لنا نحن، وستراه فتعلم أنه لقب مستحسن. ذلك أن الاشتقاق عندي على ضربين، كبير وصغير، فالصغير ما في أيدي الناس وكتبهم. كأن تأخذ أصلاً من الأصول فتقرأه فتجمع بين معانيه، وإن اختلفت صيغه ومبانيه. ذلك كتركيب، من س ل م، فإنك تأخذ منه معنى السلامة في تصرفاته نحو سلم ويسلم وسالم وسلمى والسلامة.. وأما الاشتقاق الأكبر – أي الكبير – فهو أن تأخذ أصلاًً من الأصول الثلاثة فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحداً، تجتمع التراكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها، عليه، وإن تباعد شيء من ذلك زدّ بلطف الصنعة والتأويل إليه. كما يفعل الاشتقاقيون ذلك في التركيب الواحد. وقد كنا قدمنا ذكر طرف من هذا الضرب، من الاشتقاق، في أول هذا الكتاب، عند ذكر أصل الكلام والقول، وما يجيء من تقليب تراكيبها نحو: ك ل م، ك م ل، م ل ك، ل ك م، ل م ك، وكذلك في ق ول، وق ل،.و. وهذا أغوص مذهباً وأحزن مضطرباً، وذلك أنا عقدنا تقاليب الكلام الستة، على القوة والشدة، وتقاليب القول الستة، على الإسراع والخفة..) وختم كلامه بقوله: (واعلم أنَّا لا ندّعي أن هذا مستمر في جميع اللغة، كما لا ندّعي للاشتقاق الأصغر – أي صغير – أنه في جميع اللغة. بل إذا كان ذلك الذي هو في القسمة سدس هذا أو خمسه متعذراً صعباً، كان تطبيق هذا وإحاطته أصعب مذهباً وأعز ملتمساً ٥٣٠..)

<<  <   >  >>