وأخذ بنهج الخليل هذا الأزهري في تهذيبه وابن سيده في محكمه. وعاب ابن منظور هذه الطريقة في معجمه لسان العرب فقال:(ولم أجد في كتب اللغة أجل من تهذيب اللغة.. وأكمل من المحكم.. فإنهما من أمهات كتب اللغة على التحقيق.. وما عداهما بالنسبة إليهما بنيَّات الطريق. غير أن كلاً منهما مطلب عسر الدرك ومنهل وعر المسلك) .
وقد عقب الشيخ طاهر الجزائري على ذلك في حاشيته على خطبة الكافي فقال:(واعلم أن طريقة الخليل لها موقع عند الذين يرون أن الكلمات التي تشترك في الحروف، وإن اختلفت في الترتيب، لا بد أن يكون لها معنى مشترك هو جنس لأنواع موضوعاتها) .
وقال ابن الأثير في المثل السائر (٢٩٤) : (وأما الاشتقاق الكبير فهو أن تأخذ أصلاً من الأصول فتعقد عليه وعلى تراكيبه معنى واحداً يجمع تلك التراكيب وما تصرف منها) وإن تباعد شيء من ذلك عنها رُد بلطف الصنعة والتأويل إليها) ، وأردف:(ولنضرب لذلك مثلاً فنقول: إن لفظة – قمر – من الثلاثي لها ستة تراكيب وهي: قمر، قرم - رمق، رقم- مقر، مرق – فهذه التراكيب الستة يجمعها معنى واحد هو القوة والشدة) .
وقد لحظ الشيخ العلايلي في مقدمته أن ابن الأثير قد تفرد، من جميع باحثي الاشتقاق الكبير بهذا الترتيب الذي رعى فيه فاء التقليب. فكأنه رمى بذلك إلى غاية نشوئية حاصلها أنا لو فرضنا مادة كذا أصلاً، فالمادة التي يكون فاؤها فاء الأصل تكون قد أعقبتها اشتقاقاً، فجاء (قمر) ثم (قرم) وهكذا. والذي يعنينا من ذلك هل رام ابن الأثير هذا حقاً؟