للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولم يفت ابن جني أن ينبِّه على ذلك حين قال (الخصائص – ١/٦٢-ط١٩١٣: (ألا ترى أنك لا تجد شيئاً من نحو سفرجل، قالوا فيه: سرفجل، ولا نحو ذلك. مع أن تقليبه يبلغ به مائة وعشرين أصلاً. ثم لم يستعمل من جميع ذلك إلا سفرجل واحده) .

***

٢-مرجع القول بالاشتقاق الكبير وشأنه في المد اللغوي

بحث العلماء احتمال أن يكون الخليل قد أوحى في معجمه (العين) بهذا الضرب من الاشتقاق، فبعث على التفكير فيه حين عمد إلى تقليب المادة الواحدة على صورها، والكشف عن دلالة كل صورة، فعمل ابن جني على المعارضة بين دلالاتها والتماس ما يوائم بين مناحيها ليضمها في نطاق ويردها إلى أصل مشترك.

قال الأستاذ عبد الله العلايلي في كتابه (مقدمة لدرس لغة العرب/ ٢٠٥) :

(لم يكن عمل الطبقة الثانية إلا شرحاً لما بدأه الخليل. فهو أول من تبين الوحدة بين المقاليب وتناولها بالدرس. وزاد بأن حصر ما في العربية من الثلاثي على ضوئها بعد تحققه أن للكلمة الثلاثية ستة مقاليب، فيها المهمل والمستعمل. ومن ثم كان عمله خطيراً جداً. ولا يفهم من هذا أنه قصد الاستفادة من المهملات بعد عمل نظامي، وإنما كان جهده فيها عملاً تحقيقاً فقط) .

أقول قد أشار إلى هذا بعضهم ونفاه آخرون. وعندي أنه لا يبعد أن يكون قد اتفق لابن جني أن تعهد ما جاء في معجم (العين) بنظره وترصده بفكره فعل يستقري أطواره ويتعرف أحواله حتى خلص إلى ما أستنه في (الاشتقاق الكبير) . ذلك أن الخليل قد أتى باللفظ وما ينشأ عنه بالقلب في الموضع الواحد. فذكر (الضرم) مثلاً في حرف الضاد. وأتبعه ذكر (الضمر فالرضم فالمضر فالرمض فالمرض) . فإن أهمل شيئاً من وجوه التقليب أشار إليه. وقد جعل كل نوع من الصحيح والمضاعف والمهموز والمعتل على حدة.

<<  <   >  >>