للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبحث العلايلي أمر الاشتراك المعنوي في تقاليب المادة ووجه الاختلاف بين دلالاتها، فقال: (فقد تقرر بما لا يحمل ريباً أن بين مواد الثلاثي الست جامعاً معنوياً، وإنما وجه الخلاف في الخصوصية) وأردف: (وعليه يمكن انتزاع الجامع المعنوي منه، أي من الأصل الثلاثي، وتعيين الخصوصية بمساعدة الثنائي الذي لا نظن في أمره مناقشة) . وقد رام العلايلي بذلك أن ينبه على ما كان للاشتقاق الكبير من شأن في المد اللغوي. في مراحل تكامل اللغة وتناميها. أما قوله: (وتعين الخصوصية بمساعدة الثنائي) فهو ينم على أن لكل مادة من مواد الثلاثي الست ثنائياً خاصاً يميز معناه، ولا تشركه في هذا الثنائي مادة أخرى من هذه المواد. ولو صحّ أن يتحد (ثنائي) بين مادة وأخرى من ثلاثي، لاقتضى ذلك تقارب دلالتيهما، وهما مختلفتان. ويحد الثنائي في المادة حرفاه وترتيبهما، وموقعه من الحرف المزيد. ولا بد من إيضاح ذلك في نواحٍ ثلاث:

الأولى: أن الجامع المعنوي للتقاليب لم يمنع من اختلاف دلالة كل تقليب عن دلالة سواه، وأن هذا الاختلاف مرهون باختلاف مواقع الحروف بعضها من بعض، أي باختلاف الثنائي وموقعه من الحرف المزيد.

الثانية: إذا صحّ أن الثلاثي إنما ينظر في دلالته، أصلاً، إلى المعاني الأولى لحروفه، وأنه أضحى مؤلفاً حرفياً موحد الدلالة مفرداً في مفهومه بعد أن كان مؤلفاً من وحدات لكل منها دلالة (أو من وحدتين: الثنائي والحرف المزيد) فإن وحدة المعنى في كل تقليب لم تبن على معاني حروفه وحسب، وإنما أُسست على ترتيب معين لهذه الحروف. حتى إذا اختلف الترتيب صير إلى تقليب آخر بدلالة مغايرة، ولو متَّت هذه الدلالات إلى جنس من المعنى.

<<  <   >  >>