للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثالثة: إذا استقر أن الثلاثي إنما ينظر بدلالته إلى معاني حروفه، فإن الثنائي يهدي بمعناه الموحد إلى فحوى الثلاثي الذي يبنى عليه فيكون دليلاً له. والثنائي إنما يعتمد في معناه كذلك على حرفيه الهجائيين فينم على دلالتيهما الأوليين مفردين، لكنه يتأثر، على كل حال، بموقع كل حرف من صاحبه. وتمس الحاجة بعد هذا إلى تعرف جنس المعنى لكل حرف من الجدول الهجائي يتتبع النصوص الدالة عليه واستقراء معاني الكلم. وهو ما يعقد عن تقصيه جهد فرد من الأفراد.

قال العلايلي (ومن هذا أصبح من الضروري أن نتكلم على تحديد معاني حروف الجدول بما تسمح به النصوص المحفوظة. فحرف الهمزة يدل على الجوفية وعلى ما هو وعاء للمعنى، ويدل على الصفة تصير طبعاً. والباء يدل على بلوغ المعنى في الشيء بلوغاً تاماً، ٠٠٠/٢١٠) . ولكن هل تشف معاني الكلم عن هذه الدلالات حقاً؟ هذا ما لا مناص من محاولة الاهتداء إليه باستقراء لا يدخر عنه جهد، ولا تستوطأ فيه راحة.

٣-الاشتقاق الكبير والقلب وفرق ما بينهما:

خاض الباحثون في شعاب الاشتقاق الكبير وبسطوا القول في القلب. وتداخل البابان حيناً في كلامهم حتى التأما وكأنهما باب واحد، لا سبيل إلى ميز بعضه من بعض. وهكذا مثلوا بـ (جذب وجبذ) للاشتقاق الكبير حيناً، وللقلب حيناً آخر بل أتوا به مثالاً لما جاء على هيئة المقلوب وليس بالمقلوب.

وقد جاء التهانوي في كتابه (كشاف اصطلاحات الفنون – ١/٨٤٤) بـ (جذب وجبذ مثالاً للاشتقاق الكبير ثم مثل به لما جاء على هيئة المقلوب وليس بالمقلوب فساوى بذلك بين هذا وذاك (٢/١٣٧١) ، على حين خالف بينهما في التعريف.

ومثل الشيخ عبد القادر المغربي في كتابه (الاشتقاق والتعريف/ ١٤) بـ (جبذ وجذب) للاشتقاق الكبير والقلب وجعل لهما تعريفاً واحداً.

وذهب الأستاذ سعيد الأفغاني في كتابه (أصول النحو/ ١٠٥) إلى نحو من ذلك فجعل (جذب وجبذ) مثالاً للاشتقاق الكبير.

<<  <   >  >>