جاء في شرح الشافية (١/٢٣) للرضيّ تعقيباً على كلام ابن الحاجب حول الفارق بين المقلوب والمقلوب عنه: (ولعلّ مراده – أي ابن الحاجب – أنه إذا كانت الكلمتان بمعنى واحد ولا فرق بينهما إلا بقلب حروفهما، كانت إحداهما صحيحة مع ثبوت العلة فيها دون الأخرى كأيس مع يئس، فالصحيحة مقلوبة من الأخرى) . فأشار الرضي صراحة إلى وحدة المعنى في القلب. فإذا افترق المعنى لم يكن قلباً. فقد اعتد ابن الأعرابي مثلاً أن (غرس) و (رغس) من المقلوب ذهاباً إلى أن معناهما واحد. فرد ابن سيده فقال في المخصص (١٤/٢٨) : (والمعروف أن الغرس في الشجر كالزرع في الحب، وأن الرغس النماء والبركة وقد رغسه الله) ، ففي الصحاح (رغسه الله مالاً.. أي أكثر له وبارك له فيه) ، ومن ثم كان كل منهما أصلاً، واختلاف مواقع الحروف مؤذن باختلاف المعنى.
واستدلوا على القلب بوحدة المعنى وتغيير مواضع الحروف. قال الزجاجي في شرح أدب الكاتب (على ما جاء في المزهر –١/٢٨٥) : (ذكر بعض أهل اللغة أن الجاه مقلوب من الوجه واستدل على ذلك بقولهم وجه الرجل فهو وجيه إذا كان ذا جاه، ففصلوا بين الجاه والوجه بالقلب) . وجاء في مفردات الراغب (وقال بعضهم الجاه مقلوب عن الوجه، لكن الوجه يقال في العضو، والجاه لا يقال إلا في الحظوة) ، والمعنى واحد.
وفي الهمع (٢/٢٢٤) : (قال أبو حيان: القلب تغيير حرف مكان حرف بالتقديم والتأخير) وكل ما جاء به من الأمثلة على اتفاق المعنى بين اللفظين.
وقد ذهب بعض الباحثين إلى احتمال تغير المعنى في القلب. قال جرجي زيدان في كتابه (الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية/ ٥٩) : (القلب هو عبارة عن تقديم أو تأخير أحد حروف اللفظ الواحد مع حفظ معناه أو تغيره تغيراً طفيفاً) .